للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس: قضاء من قضائه لا يعذب هذا الملح، ولا يملح هذا العذب. وقال الزجاج: هما في مرآة العين مختلطان، وفي قدرة الله منفصلان، لا يختلط أحدهما بالآخر (١).

وقوله: {وَحِجْرًا مَحْجُورًا} قال ابن عباس: حرامًا محرمًا [أن يُعذَبَ هذا الملحُ بالعَذْب، أو يُملحَ هذا العذبُ بالملح (٢). وقال الفراء: حرامًا


= المراد بالحاجز: اليبس. "تفسير ابن جرير" ١٩/ ٢٥، أي: حائلًا من الأرض. ونصر هذا القول الرازي ٢٤/ ١٠١. وقد رد هذا القول ابن جرير. والعجب من الحافظ ابن كثير ٦/ ١١٧، فقد ذكر قول ابن جريج المتقدم، واختيار ابن جرير له، ومع ذلك فقد رجح أن المراد بالحاجز: اليبس من الأرض. ولم يتعقب ابن جرير في اختياره. قال الشنقيطي ٦/ ٣٣٩: وهذا محقق الوجود في بعض البلاد، ومن المواضع التي هو واقع فيها المحل الذي يختلط فيه نهر السنغال بالمحيط الأطلسي، بجنب مدينة "سانلويس"، وقد زرت مدينة "سانلويس" عام ست وستين وثلاثمائة وألف هجرية، واغتسلت مرة في نهر السنغال، ومرة في المحيط، ولم آت محل اختلاطهما، ولكن أخبرني بعض المرافقين الثقات أنه جاء إلى محل اختلاطهما، وأنه جالس يغرف بإحدى يديه عذبًا فراتًا، وبالأخرى ملحًا أجاجًا، لا يختلط أحدهما بالآخر. فسبحانه جل وعلا ما أعظمه، وما أكمل قدرته. فالأولى أن تجعل الآية شاملة لكلا المعنين، حيث لا تعارض بينهما. والله أعلم.
وفي مجلة الإعجاز العدد الثالث بحث حول الإعجاز العلمي في هذه الآية.
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٧٢. وقد ورد في تفسير الحاجز أقوال أخرى، ذكرها ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٠٨، وغيره، وفي بعضها صرف للفظ عن ظاهره، واقتصار الواحدي -رحمه الله- على هذا القول يدل على اختياره له. ونظير هذه الآية قوله تعالى: قال تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (١٩) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: ١٩، ٢٠] وقوله {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا} [النمل: ٦١].
(٢) في "تنوير المقباس" ص ٣٠٤: حرامًا محرمًا من أن يغير أحدهما طعم صاحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>