للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (١). وعد عمر -رضي الله عنه- من السرف: أن لا يشتهي الرجل شيئًا إلا أكله، وقال: كفى بالمرء سرفًا أن يأكل كل ما يشتهي (٢). وهذا القول هو الاختيار في تفسير هذه الآية (٣).


(١) ذكر هذه القصة الزمخشري ٣/ ٢٨٥، وابن عطية ١١/ ٧١، والقرطبي ١٣/ ٧٣. وأخرج نحو قول عمر ابن عبد العزيز، ابن جرير ١٩/ ٣٨، عن قتادة، ويزيد بن مرة الجعفي. وأخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٢٧، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير: العلم خير من العمل، وخير الأمور أوساطها، والحسنة بين السيئتين، ذلك بأن الله عز وجل يقول: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا} يقول: سيئة {وَلَمْ يَقْتُرُوا} يقول: سيئة {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} يقول: حسنة.
(٢) أخرجه ابن ماجه ٢/ ١١١٢، كتاب الأطعمة، رقم: ٣٣٥٢. وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" ٢/ ٢٢٩، والسيوطي في "اللآلئ" ٢/ ٢٤٦، والألباني، في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" ١/ ٢٧٢. وقد ذكروه جميعاً من طريق الحسن، عن أنس مرفوعاً، وليس بموقوف. وأخرجه عبد الرزاق، في التفسير ٢/ ٧١، عن عمر، وفي إسناده رجل لم يسم، ومن طريقه أخرجه الثعلبي ٨/ ١٠٣ أ. وأخرجه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٧٢٦، من طريق آخر، من كلام الحسن، وليس بموقوف على عمر، وفي إسناده رجل لم يسم. وذكره الزمخشري ٣/ ٢٨٥، عن عمر. وحكم عليه بالانقطاع ابنُ حجر، "الكاف الشاف"، بحاشية الكشاف ٣/ ٢٨٥. فتبين بهذا أنه لم يثبت هذا القول؛ وعليه فلا يدخل في السرف أكل الإنسان من الشيء يشتهيه إذا لم يترتب على ذلك ارتكاب مخالفة شرعية، أو التقصير في واجب. والله أعلم.
(٣) يعني الواحدي بالقول الذي اختاره: النفقة المتوسط فيها بين الإسراف والتقتير. واختار هذا القول قبله الثعلبي ٨/ ١٠٢ ب، فقال: وقال قوم: السرف مجاوزة الحد في النفقة، والإقتار: التقصير عما ينبغي مما لابد منه. وهذا الاختيار. وقال ابن عطية ١١/ ٧١: وإنما التأديب في هذه الآية هو في نفقة الطاعات في المباحات، فأدب الشارع فيها ألاَّ يفرط الإنسان حتى يضيع حقاً آخر أو عيالاً ونحو هذا، وألاَّ يضيق أيضاً ويقتر حتى يجيع العيال ويفرط في الشح ... ولهذا ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر الصديق رضي الله عنه يتصدق بجميع ماله؛ لأن ذلك وسط بنسبة =

<<  <  ج: ص:  >  >>