للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتقلب في أصلاب الأنبياء حتى ولدته أمه (١).

وقال الحسن: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} يعني: ذهابك ومجيئك في أصحابك المؤمنين (٢). وقال مجاهد في هذه الآية: كان النبي-صلى الله عليه وسلم- إذا قام في الصلاة أبصر مَنْ خلفه من الصفوف كما يرى مَنْ بين يديه (٣). وعلى هذا معنى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} إبصارك منهم (٤) مَنْ هو خلفك كما تبصر مَن هو أمامك. يدل على هذا ما روى قتادة عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:


(١) "تنوير المقباس" ٣١٤. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٢٨، من طريق عكرمة، وعطاء. وذكره كذلك الثعلبي ٨/ ١١٩ب. قال الطوسي: "وقال قوم من أصحابنا: إنه أراد تقلبه من آدم إلى أبيه عبد الله في ظهور الموحدين، لم يكن فيهم من يسجد لغير الله". التبيان للطوسي ٨/ ٦٨. ولم يعترض ابن كثير على ذلك. وهذا يعارضه كون أبوي النبي -صلى الله عليه وسلم- كافرين، بدليل: حديث أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ الله أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: (في النَّارِ فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ: إِنَّ أبِي وَأَبَاكَ في النَّارِ) أخرجه مسلم ١/ ١٩١، كتاب الإيمان، رقم: ٢٠٣. وأبو داود ٥/ ٩٠، كتاب السنة، رقم: ٤٧١٨. وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (اسْتَاذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي) أخرجه مسلم ٢/ ٦٧١، كتاب الجنائز، رقم: ٩٧٦. وأبو داود ٣/ ٥٥٧، كتاب الجنائز، رقم: ٣٢٣٤.
وقد رد هذا القول الشنقيطي من وجه آخر فقال: "في الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول، وهي قوله تعالى قبله مقترناً به: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} فإنه لم يقصد به أنه يقوم في أصلاب الآباء إجماعاً، وأول الآية مرتبط بآخرها، أي: الذي يراك حين تقوم إلى صلاتك، وحين تقوم من فراشك ومجلسك، ويرى تقلبك في الساجدين، أي: المصلين، على أظهر الأقوال. أضواء البيان ٦/ ٣٨٨.
(٢) أخرجه ابن جرير ١٩/ ١٢٤، بلفظ: " {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} قال: في الناس".
(٣) "تفسير مجاهد" ٢/ ٤٦٦. وأخرجه ابن جرير ١٩/ ١٢٤. وابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٢٩. وذكره الهواري ٣/ ٢٤٣، ولم ينسبه.
(٤) منهم. في نسخة (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>