للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العامَّة: يا اذهب بسلام (١).

وقال أبو علي: ومما يؤكد قول من قال: (أَلَّا) مثقلة أنها لو كانت مخففة ما كتبت في (يسجدوا)؛ لأنها: اسجدوا، ففي ثبات الياء في: يسجدوا في المصحف دلالة على التشديد، وأن المعنى: أن لا يسجدوا؛ فانتصب الفعل بأن وثبتت ياء المضارعة في أول الفعل (٢).

وذكر صاحب النظم وجهين آخرين للقراءتين؛ فقال في قراءة العامَّة بالتشديد: إنه متصل بما قبله؛ لأن قوله: {لَا يَهْتَدُونَ} واقع على قوله: {أَلَّا يَسْجُدُوا} على تأويل: فهم لا يهتدون أن يسجدوا لله. أي: لا يعلمون أن ذلك واجب عليهم، و (لا): زيادة، كما قال: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: ١٢] أي: ما منعك أن تسجد.

قال: ومن قرأ بالتخفيف فما قبله تمام، وقوله: {أَلَّا يَسْجُدُوا} كلام معترض من غير القصة الماضية؛ إما من سليمان وإما من الهدهد (٣)، وهو أمر على غير المواجهة كما تقول: لِيُضرب فلان، قال الله تعالى: {فبَذَلِكَ فَليَفرَحُواْ} [يونس: ٥٨] ومنه قوله -عز وجل-: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجاثية: ١٤] وقد قيل فيه: إنه أمر على تأويل: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا} اغفروا أو ليغفروا. وعلى هذا التوجيه لا يتأتى الترجيح الذي ذكره أبو علي: القراءة التشديد، غير أن الظاهر ما قال هو.

وقال الفراء والزجاج: من قرأ بالتخفيف فهو في موضع سجدة من


(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١١٥.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٨٥.
(٣) ذكر هذا القول القرطبي ١٣/ ١٨٧، ونسبه للجرجاني. ورجح ابن عطية أن يكون الكلام المعترض من قول الله تعالى؛ لأنه اعتراض بين كلامين، قال: وهو الثابت مع التأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>