للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس: لما كشفت عن ساقها رأى سليمان قدمًا لطيفًا، وساقًا حسنًا خَدَلَّجًا، أَزَّبَّ (١)، فقال لناصحه من الشياطين. كيف لي أن أقلع هذا الشعر من غير مضرة للجسد؟ فدله على عمل النُّورَة (٢)، والحمامات من يومئذ (٣).

وقال مقاتل: نظر إليها سليمان فإذا هي أحسن الناس ساقين وقدمين، ورأى على ساقها شعرًا كثيرًا، فكره سليمان من ذلك، فقالت: إن الرمانة لا تدري ما هي حتى تذوقها، فقال سليمان: ما لا يحلو في العين لا يحلو في الفم (٤).


(١) الخَدَلَّجَة، بتشديد اللام: الممتلئ الذراعين، والساقين. "تهذب اللغة" ٧/ ٦٣٦ (خدج)، واللسان ٢/ ٢٤٨، والأزب: كثير الشعر. اللسان ١/ ٢١٣، مادة: أزب.
(٢) النُّورَة من الحجر: الذي يُحرق ويسوى منه الكِلْس، ويحلق به شعر العانة. "تهذيب اللغة" ١٥/ ٢٣٤ (نور)، واللسان ٥/ ٢٤٤.
(٣) بنصه، في "تفسير الوسيط" ٣/ ٣٧٩. وذكر نحوه الثعلبي ٨/ ١٣١ ب، عن ابن عباس. وذكره هود الهواري ٣/ ٢٥٧، ولم ينسبه. وأخرج ابن جرير ١٩/ ١٦٩، اتخاذ النورة عن مجاهد، وعكرمة، وأبي صالح. وأخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٨٩٤، عن ابن عباس، ومجاهد، والسدي. ومثل هذا القول لا تحتمله الآية، ولا تدل عليه، وهل يليق بنبي أن يتحايل على امرأة لينظر إلى ساقيها، ولذ قال ابن كثير، بعد إيراده هذا القول: في هذا نظر. "البداية والنهاية" ٢/ ٢٤. وأولى ما تفسر به الآية: أن سليمان عليه السلام أراد إثبات عظمة ما أعطاه الله من الملك بذلك، ويؤيد هذا أن ما أراده نبي الله سليمان قد وقع وحصل، فعلمت ملكة سبأ أن ملكه أعظم من ملكها، وأنه من الله تعالى، ولذا قالت: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. والله أعلم.
(٤) "تفسير مقاتل" ٦٠ أ. وهذا كلام لا يليق إيراده صبي حق الأنبياء، وكان الأولى بالواحدي أن ينبه على ذلك. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>