للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى شعبة عن أبي حمزة (١) عن ابن عباس: {بَلى أدَّارَكَ} بقطع الألف؛ لأنه استفهام، فحذف ألف الوصل (٢).

قال الفراء: وهو وجه جيد؛ لأنه أشبه بالاستهزاء بأهل الجحد، كقولك للرجل تكذبه: بلى لعمري لقد أدركتَ السلف، فأنت تروي ما لا نروي، وأنت تُكذِّبُه (٣). فهذا وجهٌ عليه أهل المعاني. والأول عليه أهل التفسير.

قال شمر: ورُوي لنا حرفٌ عن الليث، ولم أسمعه لغيره، ذَكر أشبه يقال: أدركَ الشيءُ إذا فَنِيَ (٤)، فإن صح فهو في التأويل: فني علمهم عن معرفة الآخرة. هذا كلامه (٥). و {فِي الْآخِرَةِ} على هذا القول يكون أيضًا بمعنى: بالآخرة، كما ذكره أبو علي. وقرأ عاصم في بعض الروايات


= عند الفراء ٢/ ٢٩٩، وابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" ٣٤٥، فقد كتبت كما عند ابن جرير.
(١) أبو حمزة، عمران بن أبي عطاء الواسطي، سمع ابن عباس، ومحمد بن الحنفية، وهو قليل الحديث، صدوق له أوهام، وحدث عنه سفيان، وشعبة وأبو عوانة، وغيرهم. "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٨٧، وتقريب التهذيب ٧٥١.
(٢) يعني أن أصل الفعل: ادارك، خماسي أوله همزة وصل، ثم دخلت همزة الاستفهام فسقطت همزة الوصل لفظًا ورسما.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٩٩، قال ابن قتيبة عن هذه القراءة: وهذه القراءة أشد إيضاحًا للمعنى؛ لأنه قال: وما يشعرون متى يبعثون، ثم قال: بل تداركت ظنونهم في علم الآخرة؛ فهم يحدسون ولا يدرون. "تأويل مشكل القرآن" ٣٥٤.
(٤) "العين" ٥/ ٣٢٨ (درك).
(٥) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٤ (درك). وقال بعده الأزهري: وهذا غير صحيح، ولا محفوظ عن العرب، وما علمت أحدًا قال: أدرك الشيء إذا فني، ولا يعرج على هذا القول، ولكن يقال: أدركتِ الثمارُ، إذا انتهى نضجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>