للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ بِاتِّخَاذِ الوَسَائِطِ وَالشُّفَعَاءِ بَينَهُم وَبَينَ اللهِ تَعَالَى (١)؛ حَيثُ تَعَلَّقُوا بِهِم فَدَعَوهُم وَاسْتَغَاثُوا بِهِم، وَهُمْ "لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَذِهِ الأَصْنَامَ تَنْفَعُهُمْ أَو تَضُرُّهُمْ بِذَاتِهَا! وَلَا أَنَّهَا تَخْلُقُ! وَلَا أَنَّهَا تَرْزُقُ! لَكِنْ يَدَّعُونَ أَنَّهُم اتَّخَذُوهَا وَسِيلَةً" (٢).

٣ - تَوحِيدُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ: وَمَعْنَاهُ أَنْ يَعْتَقِدَ العَبْدُ أَنَّ اللهَ ﷻ وَاحِدٌ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَلَا مُمَاثِلَ لَهُ فِيهِمَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشُّورَى: ١١] (٣).


=
يُؤْفَكُونَ﴾ [العَنْكَبُوت: ٦١].
وقَالَ تَعَالَى أَيضًا: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [يُونُس: ٣١ - ٣٢].
(١) قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يُونُس: ١٨].
(٢) تَفْسِيرُ سُورَةِ الزُّمَرْ لِابْنِ عُثَيمِين (ص ٣٠).
وَقَالَ الفَخْرُ الرَّازِي ﵀: "وَحَاصِلُ الكَلَامِ لِعُبَّادِ الأَصْنَامِ أَنْ قَالُوا: إِنَّ الإِلَهَ الأَعْظَمَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَعْبُدَه البَشَرُ، لَكِنَّ اللَّائِقَ بِالبَشَرِ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِعِبَادَةِ الأَكَابِرِ مِن عِبَادِ اللهِ مِثْلِ الكَوَاكِبِ، وَمِثْلِ الأَرْوَاحِ السَّمَاوِيَّةِ؛ ثُمَّ إِنَّها تَشْتَغِلُ بِعِبَادَةِ الإِلَهِ الأَكْبَرِ! فَهَذَا هُوَ المُرَادُ مِنْ قَولِهِم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣] ". تَفْسِيرُ الرَّازِي (٢٦/ ٤٢١).
(٣) فَائِدَةٌ: اشْتِرَاكُ أسْمَاءِ بَعْضِ الصِّفَاتِ بَينَهُ تَعَالَى وَبَينَ بَعْضِ خَلْقِهِ إِنَّمَا هُوَ اشْتِرَاكٌ فِي أَصْلِ الصِّفَةِ وَلَيسَ فِي حَقِيقَتِهَا، فَالكَمَالُ فِيهَا للهِ وَحْدَهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ، فَمَثَلًا المَخْلُوقُ قَدْ يَكُونُ عَزِيزًا مَعْ أَنَّ اللهُ تَعَالَى هُوَ العَزِيزُ؛ لَكِنَّ لِلْمَخْلُوقِ مِنْ صِفَةِ العِزَّةِ مَا يُنَاسِبُ ذَاتَهُ الحَقِيرَةَ الوَضِيعَةَ الفَقِيرَةَ، وَاللهُ جَلَّ وَعَلَا لَهُ مِنْ كَمَالِ هَذِهِ الصِّفَةِ مُنْتَهَى ذَلِكَ، لَيسَ لَهُ فِيهَا مَثِيلٌ، وَلَيسَ لَهُ فِيهَا مُشَابِهٌ عَلَى الوَجْهِ التَّامِّ. وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِذَلِكَ فِي مَوضِعِهِ مِنْ شَرْحِ الكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>