للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّنَّةِ المَعْرُوفَةِ- أَنَّهُم فَعَلُوا ذَلِكَ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ المَذَاهِبِ المَتْبُوعَةِ، فَكَيفَ يُتْرَكُ ((مَا أَنَا عَلَيهِ وَأَصْحَابِي)) وَيُذهَبُ إِلَى أَضْغَاثِ أَحْلَامٍ فِي أَسَاطِيرِ الآخِرِينَ!!

٧ - أَنَّ شَدَّ الرِّحَالِ إِلَى القُبُورِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مُطْلَقًا لِحَديثِ: ((لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدٍ) وَلِحَدِيثِ: ((لَا تَجْعَلوا قَبْرِي عِيدًا)) (١).

٨ - أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ﵁؛ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ((إنَّ خَيرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيسٌ -وَلَهُ وَالِدَةٌ وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ (٢) -، فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُم)). وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَو أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ؛ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ))، فَلَمَّا لَقيَهُ عُمَرُ قَالَ الحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ: (فَاسْتَغْفِرْ لِي)، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ (٣).

وَدِلَالَةُ هَذَا الحَدِيثِ هُنَا أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ أَرْشَدَ عُمَرَ إِلَى أَنْ يَطْلُبَ الدُّعَاءَ مِنْ أُوَيسٍ -وَإِنَّمَا هُوَ تَابِعِيٌّ! -، وَأَينَ مَنْزِلَتُهُ مِنْ مَنْزِلَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ!! وَمَعْ ذَلِكَ فَقَدْ أَرْشَدَهُ الرَّسُولُ ﷺ إِلَى أَنْ يَدْعُوَ لَهُ المَفْضُولُ وَيَتْرُكَ طَلَبَ الدُّعَاءِ مِنْ خَيرِ الخَلْقِ فِي قَبْرِهِ، وَهَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ فِي أَنَّ الفَرْقَ هُوَ تَغَيُّرُ نَوعِ الحَيَاةِ؛ وَقُدْرَةُ الحَيِّ عَلَى الدُّعَاءِ لِلمُعَيَّنِ، بِخِلَافِ مَنْ حَيَاتُهُ بَرْزَخِيَّةٌ ﵊؛ فَتَأَمَّلْ.


(١) الأَوَّلُ فِي البُخَارِيِّ (١١٨٩) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا، وَالتَّالِي لَهُ هُوَ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ (٢٠٤٢) مَرْفُوعًا أَيضًا. وَقَدْ مَرَّ سَابِقًا.
(٢) هُوَ مَرَضٌ فِي الجِلْدِ يَجْعَلُ الجِلْدَ أَبْيَضًا -كَالبُهَاقِ اليَومَ-.
(٣) صَحِيحُ مُسْلِمٌ (٢٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>