للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُلْصِقُونَ بُطُونَهُم بِجِدَارِ القَبْرِ! وَقُلْتُ لَهُ: وَرَأَيتُ أَهْلَ العِلْمِ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ لَا يَمَسُّونَهُ، وَيَقُومُونَ نَاحِيَتَهُ فَيُسَلِّمُونَ! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: نَعَمْ، وَهَكَذَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: بِأَبِي وَأُمَّيِ ﷺ" (١).

وَنَقَلَ صَالِحُ -ابْنُ الإِمَامِ أَحْمَدَ- عَنْهُ: "وَلَا يَمَسَّ الحَائِطَ، وَيَضَعَ يَدَهُ عَلَى الرُّمَّانَةِ وَمَوْضِعَ الَّذِي جَلَسَ فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ، وَلَا يُقَبِّلَ الحَائِطَ" (٢).

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ الطَّيَالِسِيُّ -وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ-: "مَسَحْتُ يَدِي عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ ثُمَّ مَسَحْتُ يَدِي عَلَى بَدَنِي وَهُوَ يَنْظُرُ، فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَجَعَلَ يَنْفُضُ نَفْسَهُ وَيَقُولُ: عَمَّنْ أَخَذْتُم هَذَا؟! وَأَنْكَرَهُ إِنْكَارًا شَدِيدًا" (٣).

وَهَذَا أَثَرٌ وَاضِحٌ بيِّنٌ فِي تَشْنِيعِ الإِمَامِ عَلَى مَنْ يَتَبَرَّكُ بِهِ وَهُوَ حَيٌّ؛ فَكَيفَ يَرْضَى أَنْ يُتَبَرَّكَ بِالقُبُورِ؟!

- الوَجْهِ الثَّانِي: مَا نَقَلَهُ أَئِمَّةُ المَذْهَبِ الحَنْبَلِيِّ -وَالَّذِينَ هُمْ أَدْرَى النَّاسِ بِمَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ ﵀ وَمَا هُوَ الثَّابِتُ عَنْهُ- وَغَيرُهُم.

قَالَ الإِمَامُ ابْنُ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ ﵀: "وَلَا يُسْتَحَبُّ التَّمَسُّحُ بِحَائِطِ قَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا تَقْبِيلُهُ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَعْرِفُ هَذَا. قَالَ الأَثْرَمُ: رَأَيتُ أَهْلَ العِلْمِ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ لَا يَمَسُّونَ قَبْرَ النَّبِيِّ ﷺ" (٤).

وَقَالَ المَرْدَاوِيُّ ﵀: "لَا يُسْتَحَبُّ تَمَسُّحُهُ بِقَبْرِهِ -عَلَيهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ


(١) الصَّارِمُ المُنْكِي (ص ١٤٥).
(٢) مَسَائِلُ الإِمَامِ أَحْمَدَ -رِوَايَةُ ابْنِهِ أَبِي الفَضْلِ؛ صَالِحٍ- (٣/ ٦٠).
(٣) طَبَقَاتُ الحَنَابِلَةِ لِأَبِي يَعْلَى (١/ ٢٢٨).
(٤) المُغْنِي (٣/ ٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>