للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحُ

- قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (١): "وَقَولُهُ: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ أَي: كُنَّا نَرَى أَنَّ لَنَا فَضْلًا عَلَى الإِنْسِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعُوذُونَ بِنَا إِذَا نَزَلُوا وَادِيًا أَو مَكَانًا مُوحِشًا مِنَ البَرَارِي وَغَيرهَا -كَمَا كَانَتْ عَادَةُ العَرَبِ فِي جَاهِلِيَّتهَا- يَعُوذُونَ بِعَظِيمِ ذَلِكَ المَكَانِ مِنَ الجَانِّ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِشَيءٍ يَسُوءُهُم؛ كَمَا كَانَ أَحَدُهُمْ يَدْخُلُ بِلَادَ أَعْدَائِهِ فِي جِوَارِ رَجُل كَبِيرٍ وَذِمَامِهِ وَخِفَارَتِهِ، فَلَمَّا رَأَتِ الجِنُّ أَنَّ الإِنْسَ يَعُوذُونَ بِهِمْ مِنْ خَوفهمْ مِنْهُمْ زَادُوهُمْ رَهَقًا -أَي: خَوفًا وَإِرْهَابًا وَذُعْرًا- حَتَّى بَقُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ مَخَافَةً، وَأَكْثَرَ تَعَوُّذًا بِهِمْ، كَمَا قَالَ قَتَادَةُ: ﴿فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ أَي: إِثْمًا، وَازْدَادَتِ الجِنُّ عَلَيهِمْ بِذَلِكَ جَرَاءَةً".

- قَولُهُ: (اسْتَعَاذَ) هُوَ عَلَى وَزْنِ (اسْتَفْعَلَ)، وَهَذَا البِنَاءُ (الأَلِفُ وَالسِّينُ وَالتَّاءُ) يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَينِ لُغَةً:

١ - الطَّلَبِ.

كَحَدِيثِ مُسْلِمٍ القُدْسِيِّ: ((يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي)) (٢)، وَأَيضًا حَدِيثِ مُسْلِمٍ القُدْسِيِّ الآخَرِ: ((يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيتُهُ؛ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ)) (٣).


(١) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (٨/ ٢٣٩).
(٢) مُسْلِمٌ (٢٥٦٩) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.
(٣) مُسْلِمٌ (٢٥٧٧) عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>