للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِذَلِكَ لَا تَجِدُ فِي شَيءٍ مِنَ الأَحَادِيثِ أَنَّ أَحَدًا:

أ- اسْتَعَاذَ بِالنَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهُ.

ب- اسْتَعَاذَ بِالنَّبِيِّ ﷺ بَعْدَ مَوتِهِ.

ج- اسْتَعَاذَ بِالنَّبِيِّ ﷺ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيهِ البَشَرُ.

وَأَمَّا بِخُصُوصِ نَفْسِ الحَدِيثِ؛ فَالغُلَامُ اسْتَعَاذَ بِالنَّبِيِّ ﷺ -عِنْدَمَا رَآهُ- لِيَنْجُوَ مِنَ العَذَابِ؛ وَلَيسَ حَالَ غِيَابِهِ -لِاعْتِقَادِهِ قُوةً ذَاتِيَّةً فِي النَّفْعِ أَوِ كَشْفِ الضُّرِّ فِيهِ! -، وَدَلَّ لِذَلِكَ لَفْظُ الحَدِيثِ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ؛ وَفِيهِ: (بَينَا رَجُلٌ يَضْرِبُ غُلَامًا لَهُ -وَهُوَ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهُ-؛ إِذْ بَصُرَ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَعُوذُ بِرَسُولِ اللهِ) (١).

- فَائِدَةٌ: أَمَّا وَجْهُ تَرْكِ أَبِي مَسْعُودٍ لِضَرْبِ الغُلَامِ عِنْدَ الاسْتِعَاذَةِ بِالنَّبِيِّ ﷺ -وَلَمْ يَكُنْ قَدْ تَرَكَهُ عِنْدَ الاسْتِعَاذَةِ بِاللهِ تَعَالَى- هُوَ لِكَونِهِ لَمْ يَعْقِلْ مَا حَولَهُ مِنَ الكَلَامِ لِشِدَّةِ الغَضَبِ؛ فَلَمَّا رَأى النَّبِيَّ ﷺ سَقَطَ السَّوطُ مِنْ هَيبَتِهِ -كَمَا فِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ-؛ وَفِيهِ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ البَدْرِيُّ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوطِ؛ فَسَمِعْتُ صَوتًا مِنْ خَلْفِي: ((اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ))! فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوتَ مِنَ الغَضَبِ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: ((اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ؛ اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ))! قَالَ: فَأَلْقَيتُ


=
- الاسْتِيعَابُ لِابْنِ عَبْدِ البَرِّ (١/ ٢٨٦).
- العَظَمَةُ لِأَبِي الشَّيخِ الأَصْبَهَانِيِّ (٤/ ١٣٢٠)، وَهِيَ عِنْدَهُ بِلَفْظِ: (فَأَعُوذُ بِاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَنْ أَكُونَ كَوَافِدِ عَادٍ)، وَهَذَا أَقْرَبُ لِكَونِ لَفْظَةِ (وَرَسُولِهِ) بِالعَطْفِ وَهْمٌ أَو تَصْحِيفٌ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
- الأحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الكُبْرَى لِلإِشْبِيلِيِّ (٤/ ٢١٢).
(١) مُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (١٧٩٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>