للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أَنَّ المُؤْمِنَ إِذَا اسْتَبْطَأَ الفَرَجَ وَأَيِسَ مِنْهُ بَعْدَ كَثْرَةِ دُعَائِهِ وَتَضَرُّعِهِ -وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ اسْتِجَابَةٌ- رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّومِ، وَهَذَا اللَّومُ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الطَّاعَاتِ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ انْكِسَارَ العَبْدِ لِمَولَاهُ، وَاعْتِرَافَهَ لَهُ بِأَنَّه أَهْلٌ لِمَا نَزَلَ بِهِ مِنَ البَلَاءِ، وَأَنَّهُ لَيسَ أَهْلًا لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ، فَلِذَلِكَ تَسْرعُ إِلَيهِ حِينَئِذٍ إِجَابَةُ الدُّعَاءِ وَتَفْرِيجُ الكُرَبِ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى عِنْدَ المُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُم مِنْ أَجْلِهِ (١).

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ﴾ أَي: يَخْلُفُ بَعْضُكُم بَعْضًا فِي الأَرْضِ.

- حَدِيثُ البَابِ -وَإِنْ كَانَ ضَعِيفَ السَّنَدِ- فَيَصِحُّ إِيرَادُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّأْيِيدِ لِمَا كَانَ ثَابِتًا مِنَ الأُصُولِ.

قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ ﵀: "وَأَهْلُ الحَدِيثِ لَا يَسْتَدِلُّونَ بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ فِي نَقْضِ أَصْلٍ عَظِيمٍ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ! بَلْ إمَّا فِي تَأْيِيدِهِ، وَإِمَّا فِي فَرْعٍ مِنَ الفُرُوعِ" (٢).

- قَولُهُ: ((إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي)): هُوَ مِنْ بَابِ التَّأَدُّبِ فِي الأَلْفَاظِ وَالبُعْدِ عَنِ التَّعَلُّقِ بِغَيرِ اللهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَكُونَ تَعَلُّقَ الإِنْسَانِ دَائِمًا بِاللهِ وَحْدَهُ.

وَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَا يَشْهَدُ لِعُمُومِهِ، كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: ((إِذَاَ سَأَلْتَ؛ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَاَ اسْتَعَنتَ؛ فَاسْتَعِن بِاللهِ)) (٣)، وَهُوَ أَيضًا مُنْتَزَعٌ مِنْ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفَاتِحَة: ٥]، فَفِيهِ بَيَانُ إِفْرَادِ اللهِ تَعَالَى


(١) بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ مِنْ (جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ) (١/ ٤٩٤).
(٢) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (٤/ ٢٥).
(٣) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٢٨٠٣)، وَالتِّرْمِذِيُّ (٢٥١٦). صَحِيحُ التِّرْمِذِيُّ (٢٥١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>