للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأَنْعَام: ١١٥].

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي التَّفْسِيرِ: "أَي: صِدْقًا فِي الأخْبَارِ، وَعَدْلًا فِي الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي" (١).

وَلَكِنَّ قَولَ المَلَائِكَةِ: ﴿قَالُوا الْحَقَّ﴾ لَا يَعْنِي أَنَّهُم لَا يَسْتَفْهِمُونَ بَعْضًا عَمَّا جَرَى! كَمَا فِي رِوَايَةٍ: ((ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ. قَالَ: فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا؛ حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا)) (٢).

- قَولُهُ: ((كَسِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ)) (الصَّفْوَانُ): هُوَ الحَجَرُ الأَمْلَسُ الصُّلْبُ، وَالسِّلْسِلَةُ عَلَيهِ يَكُونُ لَهَا صَوتٌ عَظِيمٌ، وَالمُرَادُ تَشْبِيهُ مَا يَحْصُلُ مِنَ الفَزَعِ فِي القُلُوبِ، وَلَيسَ المُرَادُ تَشْبِيهَ الصَّوتِ بَالصَّوتِ، وَذَلِكَ لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشُّورَى: ١١]، وَلِذَلِكَ قَالَ: ((يَنْفُذُهُم ذَلِكَ))، فَالنُّفُوذُ هُوَ الدُّخُولُ فِي الشَّيءِ، وَمِنْهُ نَفَذَ السَّهْمُ فِي الرَّمِيَّةِ أَي: دَخَلَ فِيهَا، وَالمَعْنَى أنَّ هَذَا الصَّوتَ يَبْلُغُ مِنْهُم كُلَّ مَبْلَغٍ.

قُلْتُ: وَمِنْ أَهْلِ العِلْمِ مَنْ جَعَلَ الصَّوتَ هُنَا هُوَ صَوتَ رِعْدَةِ السَّمَاءِ، وَالأَوَّلُ أَولَى.

قَالَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ Object فِي كِتَابِهِ (خَلْقُ أَفْعَالِ العِبَادِ): "وَأَنَّ اللهَ Object يُنَادِي بِصَوتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ، فَلَيسَ هَذَا لِغَيرِ اللهِ Object ذِكْرُهُ.


(١) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (٨/ ٢٧).
(٢) صَحِيحُ مُسْلِمٍ (٢٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>