للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّاغُوتَ﴾ أَورَدَ المُصَنِّفُ ﵀ هَذِهِ الآيَةَ لِبَيَانِ مَعْنَى العِبَادَةِ فِي الآيَةِ السَّابِقَةِ؛ وَأَنَّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ الرُّسُلُ هُوَ التَّوحِيدُ، وَهُوَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَمَعْنَاهَا نَفْيُ الأُلُوهِيَّةِ الحَقِّ عَنْ غَيرِ اللهِ تَعَالَى؛ وَإِثْبَاتُهَا للهِ وَحْدَهُ، وَالنَّفْيُ فِي هَذِهِ الآيَةِ مُضمَّنٌ فِي الأَمْرِ بِاجْتِنَابِ الطَّاغُوتِ، وَالإِثْبَاتُ مُضمَّنٌ فِي الأَمْرِ بِعِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى.

- الطَّاغُوتُ مَأْخُوذٌ مِنَ الطُّغْيَانِ، وَهُوَ كُلُّ مَا تَجَاوَزَ بِهِ العَبْدُ حَدَّهُ مِنْ مَعْبُودٍ أَو مَتْبُوعٍ أَو مُطَاعٍ (١).

- الطَّوَاغِيتُ كَثِيرَةٌ وَرُؤُوسُهَا خَمْسَةٌ (٢):

١ - الشَّيطَانُ الدَّاعِي إِلَى عِبَادَةِ غَيرِ اللهِ.

وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [يَس: ٦٠]، وَالشَّيطَانُ هُوَ الَّذِي زَيَّنَ مَعْصِيَةَ اللهِ تَعَالَى، وَزَيَّنَ طَاعَةَ غَيرِ اللهِ تَعَالَى (٣).

٢ - الحَاكِمُ الجَائِرُ المُغيِّرُ لِأَحْكَامِ اللهِ.

وَالدَّلِيلُ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيكَ وَمَا


(١) إِعْلَامُ المُوَقِّعِينَ (١/ ٤٠) لِابْنِ القَيِّمِ.
(٢) قَالَهُ الشَّيخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ ﵀. اُنْظُرْ: مَجْمُوعَةَ التَّوحِيدِ النَّجْدِيَّةِ (ص ١٦٠).
(٣) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ: جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (١/ ٥٠٩): "وَلَعَلَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ المُرَادَ الِاسْتِقَامَةُ عَلَى التَّوحِيدِ؛ إِنَّمَا أَرَادَ التَّوحِيدَ الكَامِلَ الَّذِي يُحَرِّمُ صَاحِبَهُ عَلَى النَّارِ، وَهُوَ تَحْقِيقُ مَعْنَى (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، فَإِنَّ الإِلَهَ هُوَ المَعْبُودُ الَّذِي يُطَاعُ؛ فَلَا يُعْصَى خَشْيَةً وَإِجْلَالًا وَمَهَابَةً وَمَحَبَّةً وَرَجَاءً وَتَوَكُّلًا وَدُعَاءً، وَالمَعَاصِي كُلُّهَا قَادِحَةٌ فِي هَذَا التَّوحِيدِ لِأَنَّهَا إِجَابَةٌ لِدَاعِي الهَوَى وَهُوَ الشَّيطَانُ، قَالَ اللهُ ﷿: ﴿أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجَاثِيَة: ٢٣] قَالَ الحَسَنُ وَغَيرُهُ: هُوَ الَّذِي لَا يَهْوَى شَيئًا إِلَّا رَكِبَهُ، فَهَذَا يُنَافِي الِاسْتِقَامَةَ عَلَى التَّوحِيدِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>