للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْحُ

- مُنَاسَبَةُ البَابِ لِكِتَابِ التَّوحِيدِ تَظْهَرُ مِنْ وَجْهَين:

١ - أَنَّ الهِدَايَةَ -وَهِيَ أشْرَفُ المَطَالِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ- قَدْ دَلَّ الشَّرْعُ عَلَى أَنَّ أَشْرَفَ الرُّسُلِ لَا يَمْلِكُهَا، وَأَنَّهَا إِلَى اللهِ وَحْدَهُ (١)؛ فَبَطَلَ بِذَلِكَ التَّعَلُّقُ بِالأَنْبِيَاءِ دُونَ اللهِ ﷿، كَمَا أنَّ مَسْأَلَةَ الشَّفَاعَةِ هِيَ سَبَبُ تَعَلُّقِ المُشْرِكِينَ بِغَيرِ اللهِ تَعَالَى لِتَحْصِيلِ خَيرَي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

٢ - أَنَّ هَذَا البَابَ هُوَ كَالمِثَالِ لِلبَابِ المَاضِي فِي أَنَّ الشَّفَاعَةَ لَا تَنَالُ المُشْرِكَ.

- قَولُهُ: ((مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ)) فِيهِ تَلْمِيحٌ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ فِي نَفْسِهِ شَيءٌ مِنَ القَلَقِ حِيَالَ الاسْتِغْفَارِ لِعَمِّهِ المُشْرِكِ.

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ﴾ مَا هُنَا نَافِيَةٌ، وَمَعْنَاهَا النَّهْيُ؛ وَالمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ غَايَةَ الامْتِنَاعِ.

- المُسَيِّبُ (٢) وَابْنُ أَبِي أُمَيَّة أَسْلَمَا، وَأَبُو جَهْلٍ قُتِلَ يَومَ بَدْرٍ.


(١) وَتَأَمَّلْ قَولَ الخَلِيلِ عَنْ رَبِّهِ: ﴿قَالَ أَفَرَأَيتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ [الشُّعَرَاء: ٧٥ - ٧٨]، فَجَعَلَ الهِدَايَةَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الخَلْقِ الَّتِي يَتَفرَّدَ بِهَا الرَّبُّ الخَالِقُ.
وَتَأَمَّلْ أَيضًا قَولَهَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [يُوسُف: ١٠٣].
وَتَأَمَّلْ أَيضًا قَولَهَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴾ [الجِنّ: ٢١].
وَتَأَمَّلْ أَيضًا قَولَهَ تَعَالَى ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [يُونُس: ١٠٠].
(٢) (المُسَيَّب): بِالفَتْحِ وَالكَسْرِ.
وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب بْنِ حَزْنٍ: تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ تُوُفِّيَ بَعْدَ التَّسْعِين، وَأَبُوه وَجَدُّهُ صَحَابِيَّانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>