للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَفْيٌ، فَالأَمْرُ هُوَ أَنْ يُعْبَدَ اللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ دُونَ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ شَيءٌ، وَإِنَّ مِمَّا تَقَرَّرَ فِي قَوَاعِدِ اللُّغَةِ أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْي تُفِيدُ العُمُومَ، أَي أَنَّ كَلِمَةَ (شَيئًا) جَاءَتْ نَكِرَةً فِي سِيَاقِ النَّفْي (لَا تُشْرِكُوا) فَصَارَ المَعْنَى: النَّهْيُ عَنْ أَيِّ شِرْكٍ مَهْمَا كَانَ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا.

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيئًا﴾ فِيهِ بَيَانُ أَوَّلِ المُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ الشِّرْكُ بِاللهِ تَعَالَى، ثُمَّ اخْتَتَمَ الآيَةَ بِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ فَصَارَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ وَصِيَّةُ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الوَصِيَّةَ بِأَمْرٍ مَا تَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ.

- فِي قَولِ ابْنِ مَسْعُودٍ Object: (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَصِيَّةِ مُحَمَّدٍ Object إِرْشَادٌ إِلَى أَنَّ آخِرَ مَا كَانَتْ عَلَيهِ حَيَاةُ النَّبِيِّ Object أَنَّهُ وَصَّى بِهَذِهِ الأُمُورِ، وَأَوَّلُهَا وَأَهَمُّهَا التَّوحِيدُ (١).

وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ البَابِ بَيَانُ أَنَّ أَوَّلَ دَعْوَةِ الرُّسُلِ الإِرْشَادُ إِلَى التَّوحِيدِ؛ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ التَّوحِيدَ هُوَ أَصْلُ الشَّرَائِعِ وَأَعْظَمُهَا (٢).


(١) وَكَمَا فِي وَصِيَّةِ يَعْقُوبَ Object: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البَقَرَة: ١٣٣].
(٢) وَيَزِيدُ ذَلِكَ بَيَانًا قَولُهُ تَعَالَى عَنْ دَعْوَةِ الرُّسُلِ لِأَقْوَامِهِم:
﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرُهُ﴾ [الأَعْرَاف: ٥٩].
﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرُهُ﴾ [الأَعْرَاف: ٦٥].
﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرُهُ﴾ [الأَعْرَاف: ٧٣].
﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرُهُ﴾ [الأَعْرَاف: ٨٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>