للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: كَيفَ يَسْتَقِيمُ أَنْ تَكُونَ آيَةُ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ! وَرَدَتْ فِي قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ وَقِصَّتُهُ مَكِّيَّةٌ؟!

الجَوَابُ:

قَالَ أَهْلُ العِلْمِ: إَنَّ القِصَّةَ مَكِّيَّةٌ؛ وَلَكِنْ لَمْ يَأْتِ النَّهْيُ عَنِ الاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ إِلَّا فِي المَدِينَةِ، وَيُعْلَمُ بِهَذَا أَيضًا أنَّ اسْتِئْذَانَ النَّبِيِّ رَبَّهُ فِي الاسْتِغْفَارِ لِأُمِّهِ بَعْدَ الهِجْرَةِ لَمْ يَكُنْ مَنهيًّا عَنْهُ ابْتِدَاءً (١)! وَلَكِنْ عِنْدَهَا نَزَلَتْ آيَةُ سُورَةِ التَّوبَةِ.

وَفِي مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ عَنْ جَابِرٍ ؛ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ : ((رَحِمَكَ اللهُ وغَفَرَ لَكَ يَا عَمِّ؛ وَلَا أَزَالُ اسْتَغْفِرُ لَكَ حَتَّى يَنْهَانِي اللهُ ﷿). فَأَخَذَ المُسْلِمُونَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَوتَاهُم -الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ مُشْرِكُونَ- فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التَّوبَة: ١١٣] (٢).


(١) وَالحَدِيثُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٩٧٦) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَالَ: زَارَ رَسُولُ اللهِ قَبْرَ أُمِّهِ؛ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَولَهُ، وَقَالَ: ((اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي ﷿ فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ المَوتَ)).
(٢) مُسْتَدْرَكِ الحَاكِمِ (٣٢٩٠)، قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ : "صَحِيحٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>