للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - مُشَارَكَةُ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ فِي العِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا شُرِعَتْ زِيَارَةُ القُبُورِ: ((فَإِنَّهَا تُرِقُّ القَلْبَ، وَتُدْمِعُ العَينَ، وَتُذَكِّرُ الآخِرَةَ)) (١).

٣ - أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي زِيَارَةِ القُبُورِ، وَفِيهَا أَحَادِيثُ:

أ- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيكَةَ (أَنَّ عَائِشَةَ أَقْبَلَتْ ذَاتَ يَومٍ مِنَ المَقَابِرِ، فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ؛ مِنْ أَينَ أَقْبَلْتِ؟ قَالَتْ: مِنْ قَبْرِ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ لَهَا: أَلَيسَ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ نَهَى عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ نَهَى؛ ثُمَّ أَمَرَنَا بِزِيَارَتِهَا). وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا: (أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَخَّصَ فِي زِيَارَةِ القُبُورِ) (٢) (٣).

ب- فِي قِصَّةِ إِتْيَانِ النَّبِيِّ ﷺ البَقِيعَ لَيلًا لِيَسْتَغْفِر لِأَهْلِهِ، حَيثُ قَالَتْ عَائِشَةُ


=
قُلْتُ: وَلَا يُقَالُ هُنَا بِالتَّخْصِيصِ -بِأَنْ يَكُونَ العَامُّ الَّذِي يَشْمَلُ الرِّجالَ وَالنِّسَاءَ هُنَا مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ النَّهْي الَّذِي فِيهِ اللَّعْنُ لِلنِّسَاءِ-! وَذَلِكَ لِكَونِ العِلَّةِ مُشْتَرِكَةً فِي الحَالَتَينِ جَمِيعًا، فَمَا كَانَ سَبَبًا لِلمَنْعِ مِنَ الزِّيَارةِ أَوَّلًا هُوَ مَشْتَرَكٌ بَينَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، ثُمَّ لَمَّا أُبِيحَ أُبِيحَ لِعِلَّةٍ أَيضًا مُشْتَرَكَةٍ بَينَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ؛ وَهِيَ التَّذْكِيرُ بِالآخِرَةِ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ ﵀ فِي السُّنَنِ (٢/ ٣٦٣) -عَقِبَ حَدِيثِ لَعْنِ الزَّوَّارَاتِ-: "وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يُرَخِّصَ النَّبِيُّ ﷺ فِي زِيَارَةِ القُبُورِ، فَلَمَّا رَخَّصَ دَخَلَ فِي رُخْصَتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ).
ب- أَنَّ حَدِيثَ نَهْي النِّسَاءِ -فِقْهًا- بَاقٍ عَلَى عُمُومِ النَّهْي مِنْ جِهَةِ الإِكْثَارِ مِنَ الزِّيَارَةِ، وَمَنْسُوخٌ مِنْ جِهَةِ مَنْعِ مُطْلَقِ الزِّيَارَةِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(١) صَحِيحٌ. الحَاكِمُ (١٣٩٣) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٤٥٨٤).
(٢) صَحِيحٌ. الحَاكِمُ (١٣٩٢)، وَالبَيهَقِيُّ فِي الكُبْرَى (٧٢٠٧). أَحْكَامُ الجَنَائِزِ (ص ١٨١).
(٣) وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُم عَلَى المَنْعِ بِمَفْهُومِ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ (١٠٥٥) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيكَةَ؛ قَالَ: تُوفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بِـ (الحَبَشِيِّ) -مَكَانٌ بَينَهُ وَبَينَ مَكَّةَ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا- فَحُمِلَ إِلَى مَكَّةَ فَدُفِنَ فِيهَا، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ أَتَتْ قَبْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ -فِي جُمْلَةِ مَا قَالَتْ ﵂: (وَلَو شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ). فَفِيهِ ابْنُ جُرَيحٍ مُدَلِّسٌ؛ وَقَدْ عَنْعَنَهُ. ضَعِيفُ التِّرْمِذِيِّ (١٠٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>