للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يُشْكِلُ قَولُهُ ﷺ: ((عَلَى الحَقِّ مَنْصُورَةً)) مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى الحَقِّ قُتِلُوا بِيَدِ أَعْدَائِهِم! فَمَا الجَوَابُ عَنْهُ؟

الجَوَابُ:

إِنَّ نَصْرَهَا هُوَ مِنْ جِهَتَينِ:

١ - أَنَّهُ بِالحُجَّةِ وَالبُرْهَانِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي قَولِهِ ﷺ: ((ظَاهِرِينَ عَلَى الحَقِّ))، فَعُلُوُّهُم هُوَ بِالحَقِّ الَّذِي مَعَهُم.

٢ - أَنَّهُ فِي الآخِرَةِ بِالحُكْمِ لَهُم وَلِأَتْبَاعِهِم بِالثَّوَابِ، وَلِمَنْ حَاربَهُم بِشِدَّةِ العِقَابِ (١).

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (٢): "قَدْ أَورَدَ أَبُو جَعْفَرٍ؛ ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [غَافِر: ٥١] سُؤَالًا، فَقَالَ: قَدْ عُلِمَ أَنَّ بَعْضَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَتَلَهُ قَومُه بِالكُلِّيَّةِ كَيَحْيَى وَزَكَرِيَّا وَشَعْيَا (٣)، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ مِنْ بَينِ أَظْهُرِهِمْ؛ إِمَّا مُهَاجِرًا كَإِبْرَاهِيمَ، وَإِمَّا إِلَى السَّمَاءِ كَعِيسَى؛ فَأَينَ النُّصْرَةُ فِي الدُّنْيَا؟ ثُمَّ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابَينِ:


=
يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ؛ وَلَكِنَّهُ قَدْ رَضِيَ مِنْكُمْ بِمَا تَحْقِرُونَ)). صَحِيحٌ. الصَّحِيحَةُ (٢٦٣٥). وَهَذَا الوَجْهُ الأَخِيرُ -عِنْدِي- هُوَ مِنْ بَابِ إِلْزَامِ الخَصْمِ بِلَازِمِ بَاطِلِهِ، وَإِلَّا فَالأَولَى هُوَ مَا ذُكِرَ سَابِقًا. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(١) أَفَادَهُمَا الشَّيخُ السَّعْدِيُّ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (ص ٧٣٩).
(٢) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (٧/ ١٥٠).
(٣) وَهُوَ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>