للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِنَّ الطَّائِفَةَ المَنْصُورَةَ هُمْ أَهْلُ الحَدِيثِ، فمَا مَدَى صِحَّةِ هَذَا القَولِ؟

الجَوَابُ: فِيهِ تَفْصِيلٌ؛ إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَهْلُ الحَدِيثِ المُصْطَلَحِ عَلَيهِ -الَّذِينَ يَنْظُرُونَ فِي الأَسَانِيدِ وَالرِّجَالِ وَالمُتُونِ- وَأُخْرِجَ مِنْهُمُ الفُقَهَاءُ وَعُلَمَاءُ التَّفْسِيرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَهَذَا لَيسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ عُلَمَاءَ التَّفْسِيرِ وَالفُقَهَاءَ الَّذِينَ يَتَحَرَّونَ البِنَاءَ عَلَى الدَّلِيلِ هُمْ فِي الحَقِيقَةِ مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ بِالمَعْنَى العَامِّ؛ فَلَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الحَدِيثِ صِنَاعَةً، لِأَنَّ العُلُومَ الشَّرْعيَّةَ هِيَ تَفْسِيرٌ، وَحَدِيثٌ، وَفِقْهٌ … إِلَخ.

فَالمَقْصُودُ إِذًا كُلُّ مَنْ تَحَاكَمَ إِلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَهُمْ أَهْلُ الحَدِيثِ بِالمَعْنَى العَامِّ، فَيَشْمَلُ الفُقَهَاءَ الَّذِينَ يَتَحَرَّونَ العَمَلَ بِالسُّنَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ اصْطِلَاحًا.

قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَنَحْنُ لَا نَعْنِي بِأَهْلِ الحَدِيثِ: المُقْتَصِرِينَ عَلَى سَمَاعِهِ أَو كِتَابَتِهِ أَو رِوَايَتِهِ! بَلْ نَعْنِي بِهِمْ: كُلَّ مَنْ كَانَ أَحَقَّ بِحِفْظِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَفَهْمِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَاتِّبَاعِهِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَكَذَلِكَ أَهْلُ القُرْآنِ، وَأَدْنَى خَصْلَةٍ فِي هَؤُلَاءِ: مَحَبَّةُ القُرْآنِ وَالحَدِيثِ، وَالبَحْثُ عَنْهُمَا وَعَنْ مَعَانِيهِمَا، وَالعَمَلُ بِمَا عَلِمُوهُ مِنْ مُوجِبِهِمَا" (١).


(١) مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (٤/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>