للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنَّ إِبْلِيسَ لَمَّا حَلَفَ لَهُ وَغَرَّهُ وَأَطْمَعَهُ فِي الخُلُودِ؛ نَسِيَ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنْ عُمُرِهِ" (١).

قُلْتُ: إلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ (٥٧٧٨) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا: ((مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا)) فَفِيهِ ذِكْرُ الأَبَدِيَّةِ عَلَى الانْتِحَارِ!!

وَلَكِنْ يُجَابُ عَنْهُ -زِيَادَةً عَلَى كَونِ الخُلُودِ هُنَا يُقْصَدُ بِهِ المُكْثُ الطَّوِيلُ- بِأَحَدِ أُمُورٍ:

١ - أَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ المُسْتَحِلُّ، وَذَلِكَ جَمْعًا بَينَ صَرَاحَةِ هَذَا اللَّفْظِ وَبَينَ النُّصُوصِ الَّتِي تَجْعَلُ عَامَّةَ الذُّنُوبِ الَّتِي دُونَ الشِّرْكِ هِي تَحْتَ المَشِيئَةِ.

وَذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّفْصِيلِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، مِنْهُمُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ Object فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيرُهُ (٢)، وَحَكَاهُ الإِمَامُ الأَلْبَانِيُّ Object وَجْهًا وَاحِدًا فِي الجَوَابِ عَنِ الإِشْكَالِ فِي الحَدِيثِ (٣).

٢ - أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ غَيرُ مَحْفُوظٍ؛ وَأَنَّ المَحْفُوظَ هُوَ بِدُونِ ذِكْرِ الخُلُودِ وَالتَّأْبِيدِ.

وَذَهَبَ إِلَى هَذَا التِّرْمِذِيُّ Object فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: "وَهَذَا أَصَحُّ، لأَنَّ الرِّوَايَاتِ إِنَّمَا تَجِيءُ بِأَنَّ أَهْلَ التَّوحِيدِ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ ثُمَّ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُمْ يُخَلَّدُونَ فِيهَا"! (٤)


(١) حَادِي الأَرْوَاحِ (١/ ٣٦).
(٢) شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلْنَّوَوِيِّ (٢/ ١٢٥).
(٣) أَشْرِطَةُ فَتَاوَى سِلْسِلَةِ الهُدَى وَالنُّورِ (شَرِيط رَقَم ٣٠٠).
(٤) سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ (٣/ ٤٥٥)، وَبِمِثْلِهِ أَيضًا ابْنُ الجَوزِيِّ Object فِي كَشْفِ المُشْكِلِ (٣/ ٤٥٣)، وَنَقَلَهُ
=

<<  <  ج: ص:  >  >>