للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَايَةِ مَنْ يَنْسِبُ عِلْمَ الغَيبِ إِلَى المَشَايخِ وَالأَولِيَاءِ -مِنَ المُتَصَوِّفَةِ وَغَيرِهِم- فَهُمْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ فَتْحَ بَابِ الاسْتِغَاثَةِ بِهِم وَالتَّعَلُّقِ بِهِم وَالتَّوَكُّلِ عَلَيهِم! وَشَتَّانَ بَينَ الوَجْهَينِ (١).

- المُلَاحَظَةُ الرَّابِعَةُ:

أَمَّا مَا يُنْسَبُ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ أَوِ الصَّالِحِينَ مِنْ أُمُورٍ تَشْتَبِهُ عَلَى سَامِعِهَا، أَو تَحْصُلُ مَعَ أَفْرَادٍ مِنَّا نَحنُ؛ فيُمْكِنُ تَصْدِيقُهَا -مَا لَمْ تُخَالِفْ نَصًّا- عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهَا لَيسَتْ بِغَيبٍ؛ وَلَا بِإِطْلَاعٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَلَكِنَّه قَدْ يَكُونُ إِلْهَامًا وَمَعُونَةً مِنْهُ تَعَالَى وَتَوفِيقًا، وَلَكِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَسْتَطيعُ صَاحِبُهُ أَنْ يَجْزِمَ بِكَونِهِ تَلَقَّاهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى؛ وَأَنَّهُ تَعَالَى أَطْلَعَهُ عَلَى الغَيبِ! وَلَكِنَّهُ حَدْسٌ وَحُسْنُ ظَنٍّ بِهِ تَعَالَى أنَّهُ سَيُوَفِّقُهُ فِي أَمْرِهِ.

كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ Object: ((لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ)). قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: ((الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ)) (٢).


(١) وَيَلْزَمُ عَلَى مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ أَنْ يُصَحِّحُوا دُعَاءَ النَّصَارَى لِعِيسَى Object؛ وَهُوَ أَولَى مِنْ تَصْحِيحِ دُعَائِهِم لِأَولِيَائِهِم؛ وَذَلِكَ لِكَونِ النَّصِّ القُرْآنِيِّ قَدْ شَهِدَ لِعِيسَى Object بِأَمْرَينِ زَائِدَينِ عَلَى دَعْوَى أَولَئِكَ، وُهُمَا:
أ- أَنَّ اللهَ تَعَالَى مَكَّنَهُ مِنَ العِلْمِ بِالغَيبِ؛ بَلْ وَمِنْ شِفَاءِ المَرْضَى وَإِحْيَاءِ المَوتَى -بِإِذْنِهِ؛ وَكَمَا يَقُولُونَ عَنْ أَولِيَائِهِم! -.
ب) حَيَاتُهُ الحَقِيقِيَّةُ -وَلَيسَتِ البَرْزَخِيَّةَ كَحَالِ أَولِيَائِهِم- الآنَ، حَيثُ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَإِنَّمَا رُفِعَ Object.
وَحَقِيقَةُ حَالِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُم غَافِلُونَ عَنْ أَنَّ أَصْلَ شِرْكِ المُشْرِكِينَ كَانَ فِي التَّعَلُّقِ بِالصَّالِحِينَ، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ اللَّاتِ، وَقِصَّةِ قَومِ نُوحٍ Object مَعَ صَالِحِيهِم.
وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي مَوضِعِهِ، وَالحَمْدُ للهِ عَلَى تَوفِيقِهِ.
(٢) البُخَارِيُّ (٥٧٧٦)، ومُسْلِمٌ (٢٢٢٤). وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- فِي بَابِ (مَا جَاءَ فِي التَّطَيُّرِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>