للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فَائِدَة ١: قَالَ القُرْطُبِيُّ فِي كِتَابِهِ: (المُفْهِمُ شَرْحُ مُسْلِمٍ) (١) -بَابُ الرُّقيَةِ بِأَسْمَاءِ اللهِ ﷿: "قَولُهُ: ((ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ)) (٢): هَذَا الأَمْرُ عَلَى جِهَةِ التَّعْلِيمِ وَالإرْشَادِ إِلَى مَا يَنْفَعُ مِنْ وَضْعِ يَدِ الرَّاقي عَلَى المَرِيضِ وَمَسْحِهِ بِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَخْصُوصًا بِالنَّبِيِّ ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ كُلُّ رَاقٍ .... ، وَمِمَّا يَنْبَغِي لِلرَّاقِي أَنْ يَفْعَلَهُ النَّفْثُ وَالتَّفْلُ، وَقَدْ قُلنَا: إنَّهُمَا نَفْخٌ مَعَ رِيقٍ" (٣).

- فَائِدَة ٢: قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ : "وَهَؤُلَاءِ (٤) إذَا قَالُوا لِلْإِنْسَانِ: تُعْطِينَا؛ وَإِلَّا فَإِنِّي أَنَالُك فِي نَفْسِك! فَإِنَّهُ قَدْ تُعِينُهُمْ شَيَاطِينٌ عَلَى إضْرَارِ بَعْضِ النَّاسِ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، لَكِنَّ هَذَا يَكُونُ لِمَنْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ ، مِثْلِ أَهْلِ الْفُجُورِ وَالْبِدَعِ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ فَهَؤُلَاءِ قَدْ تَسَلَّطَ عَلَيهِم بَعْضُ هَؤُلَاءِ بِذُنُوبِهِمْ وَخَطَايَاهُمْ


(١) المُفْهِمُ شَرْحُ مُسْلِمٍ (٥/ ٥٨٩).
وَقَالَ أَيضًا (٥/ ٥٨٠): "وَأَمَّا النَّفْثُ وَوَضْعُ السَّبَّابَةِ عَلَى الأَرْضِ؛ فَلَا يَتَعَلَّقُ مِنْهَا بِالمَرْقِيِّ شَيءٌ لَهُ بَالٌ وَلَا أَثَرٌ، إِنَّمَا هَذَا مِنْ بَابِ التَّبرُّكِ بِأَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَبِآثَارِ رَسُولِهِ ، وَأَمَّا الرِّيقُ وَوَضْعُ الإِصْبَعِ -وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ- فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِخَاصِّيَّةٍ فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِحِكْمَةِ إِخْفَاءِ آثَارِ القُدْرَةِ بِمُبَاشَرَةِ الأَسْبَابِ المُعْتَادَةِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ".
قُلْتُ: وَلَيسَ بِمُمْتَنِعٍ شَرْعًا أَنْ يُجْرِيَ اللهُ تَعَالَى بَرَكَةَ الشِّفَاءِ فِي الرِّيقِ وَالتُّرَابِ الَّذِي قَارَنَ القِرَاءَةَ وَالذِّكْرَ الشَّرِيفَ، لَا سِيَّمَا وَأَنَّ المَقَامَ مَقَامُ تَبَرُّكٍ وَاسْتِعَانَةٍ بِاللهِ تَعَالَى الكَرِيمِ.
(٢) هُوَ شَطْرٌ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ (٢٢٠٢)، وَهُوَ بِتَمَامِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي العَاصِ الثَّقَفِيِّ؛ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : ((ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِسْمِ اللهِ -ثَلَاثًا-، وَقُلْ -سَبْعَ مَرَّاتٍ-: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ)).
(٣) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٢١٩٢) -بَابُ رُقيَةِ المَرِيضِ بِالمُعَوِّذَاتِ وَالنَّفْثِ-: عَنْ عَائِشَةَ ؛ قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيهِ بِالمُعوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَه الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ أعَظْمَ بَرَكةً مِنْ يَدِي).
(٤) يُرِيدُ الدَّجَّالِينَ وَالكُهَّانَ وَأَصْحَابَ الأَحْوَالِ الشَّيطَانِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>