للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قَولُهُ: ((وَلَا غُول)) قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ : "الغُولُ: أَحَدُ الغِيلَانِ، وَهِيَ جِنْسٌ مِنَ الجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ (١)، كَانَتِ العَرَبُ تَزْعُم أَنَّ الغُولَ فِي الفَلَاةِ تَتَرَاءَى لِلنَّاسِ فَتَتَغَوَّلُ تَغَوُّلًا: أَي: تَتَلَوًّنُ تلَوُّنًا فِي صُوَرٍ شَتَّى، وَتَغُولُهُم أَي: تُضِلُّهُم عَنِ الطَّريقِ وَتُهْلِكهُم؛ فَنَفَاهُ النَّبِيُّ وَأَبْطَلَهُ" (٢).

وَالحَاصِلُ أَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَضِلَّ أَحَدًا مَعَ ذِكْرِ اللهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ كَيدَ الشَّيطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النِّسَاء: ٧٦].

فَالعَرَبُ كَانُوا إِذَا سَافَرُوا أَو ذَهَبُوا يَمِينًا أَو شِمَالًا تَلَوَّنَتْ لَهُمُ الشَّيَاطِينُ بِأَلْوَانٍ مُفْزِعَةٍ مُخِيفَةٍ؛ فَتُدْخِلُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ وَالخَوفَ، فَتَجِدُهُم يَكْتَئِبُونَ وَيَمْتَنِعُونَ عَنِ الذَّهَابِ إِلَى هَذَا الوَجْهِ الَّذِي أَرَادُوا! وَهَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ يُضْعِفُ التَّوَكُّلَ عَلَى اللهِ، وَالشَّيطَانُ حَرِيصٌ عَلَى إِدْخَالِ القَلَقِ وَالحُزْنِ عَلَى الإِنْسَانِ بِقَدْرِ مَا يَسْتَطِيعُ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيسَ بِضَارِّهِمْ شَيئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المُجَادِلَة: ١٠].

- قَولُهُ: ((وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ)) (٣): الفَأْلُ هُنَا هُوَ الاسْتِبْشَارُ بِحُصُولِ الخَيرِ عِنْدَ سَمَاعِ مَا يَسُرُّ، لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا أَمَّلُوا الخَيرَ مِنَ اللهِ تَعَالَى عِنْدَ كُلِّ سَبَبٍ فَهُم عَلَى خَيرٍ، وَإِذَا قَطَعُوا آمَالَهُم وَرَجَاءَهُم مِنَ اللهِ تَعَالَى كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّرِّ، كَمَا فِي الحَدِيثِ


(١) هِيَ سَحَرَتُهُم، وَقَالَ بَعْضُهُم: السَّاحِرُ الذَّكَرُ هُوَ الغُولُ، وَالأُنْثَى هِيَ السِّعْلَاةُ. اُنْظُرْ (لِسَانُ العَرَبِ) (١١/ ٥١٠).
(٢) النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ وَالأَثَرِ (٣/ ٧٤٦).
(٣) وَفِي رِوَايَةٍ" قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: ((الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ)). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٥٧٥٤)، وَمُسْلِمٌ (٢٢٢٣) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>