للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسَائِلُ عَلَى البَابِ

- المَسْأَلَةُ الأُولَى: قَولُهُ: ((وَمَا مِنَّا إِلَّا؛ وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتّوَكُّلِ)) كَيفَ يَصِحُّ نِسْبَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الوُقُوعِ فِي الشِّرْكِ؟

الجَوَابُ هُوَ مِنْ وَجْهَينِ:

١ - أَنَّ الشِّرْكَ وَالإِثْمَ فِي الطِّيَرَةِ حَاصِلٌ بِالتَّأَثُّرِ بِهَا فِي الإِقْدَامِ أَوِ الإِعْرَاضِ، أَمَّا مَا يَقَعُ فِي القَلْبِ مِنْ مُجَرَّدِ رُؤيَتِهَا أَو سَمَاعِهَا فَلَيسَ فِيهِ إِثْمٌ، لِذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَمْرو المَرْفُوعِ: ((مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ عَنْ حَاجَتِهِ؛ فَقَدْ أَشْرَكَ)) (١).

وَفِي الحَدِيثِ أَيضًا: ((إِذَا حَسَدْتُمْ فَلَا تَبْغُوا، وَإِذَا ظَنَنْتُمْ فَلَا تُحَقِّقُوا، وَإِذَا تَطَيَّرْتُمْ فَامْضُوا، وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا)) (٢).

٢ - أَنَّ زِيَادَةَ: ((وَمَا مِنَّا إِلَاّ وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ)) رَجَّحَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ كَونَهَا مُدْرَجَةً مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ (٣).


(١) وَمِثْلُهُ قَولُ النَّبِيِّ ﷺ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَميِّ عِنْدَمَا سَأَلَهُ عَنِ الطِّيَرَةِ: ((ذَاكَ شَيءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ؛ فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ)). صَحِيحُ مُسْلِمٍ (٥٣٧).
(٢) صَحِيحٌ. الكَامِلُ لِابْنِ عَدِيٍّ (٥/ ٥٠٩). الصَّحِيحَةُ (٣٩٤٢).
(٣) قَالَ التِّرْمِذِيُّ ﵀ (٣/ ٢١٣): "سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ (البُخَارِيَّ) يَقُولُ: كَانَ سُلَيمَانُ (بْنُ حَرْبٍ) يَقُولُ فِي هَذَا الحَدِيثِ: ((وَمَا مِنَّا إلَّا؛ وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ)) هَذَا عِنْدِي قَولُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ".
قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀: "قَالَ الشَّارِحُ المُنَاوِيُّ: لَكِنْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ القَطَّانِ بِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ مَسُوقٍ فِي سِيَاقٍ؛ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى دَرْجِهِ إِلَّا بِحُجَّةٍ. قُلْتُ: ولَا حُجَّةَ هُنَا فِي الإِدْرَاجِ، فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ بِكَامِلِهِ". الصَّحِيحَةُ (٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>