للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا كَانَتِ الطِّيَرَةُ مَنْفِيَّةً؛ فَمَا الجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ: ((الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالفَرَسِ)) (١)؟

الجَوَابُ مِنْ أَوجُهٍ:

١ - مِنْ جِهَةِ لَفْظِ الحَدِيثِ؛ فَالصَّوَابُ هُوَ: ((إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيءٍ؛ فَفِي الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ))، وَأَمَّا الحَدِيثُ مَوضُوعُ السُّؤَالِ فَهُوَ تَصَرُّفٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ يَظْهَرُ بِمَا يَلِي:

أ- مُخَالَفَتُهُ لِأَحَادِيثِ البَابِ الصَّرِيحَةِ بِكَونِ الطِّيَرَةِ شِرْكٌ.

ب- أَنَّ الحَدِيثَ التَّالِي لَهُ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ هُوَ أَيضًا عَنِ ابْنِ عُمَر وَلَكِنَّهُ بِلَفْظِ: ((إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيءٍ؛ فَفِي الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ)) (٢).

ج- دَعْوَى أَنَّ الشُّؤمَ هُوَ فِي المَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالمَسْكَنِ هُوَ عَقِيدَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، كَمَا فِي الحَدِيثِ: دَخَلَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَأَخْبَرَاهَا أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: ((الطِّيَرَةُ فِي الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ))، فَغَضِبَتْ، وَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وَشِقَّةٌ فِي الأَرْضِ (٣)، وَقَالَتْ: وَالَّذِي أَنْزَلَ الفُرْقَانَ عَلَى مُحَمَّدٍ؛ مَا قَالَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ قَطُّ! إِنَّمَا قَالَ: ((كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَتَطَيَّرُونَ مِنْ ذَلِكَ)) (٤).


(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٥٠٩٣) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.
(٢) البُخَارِيُّ (٥٠٩٤).
(٣) قَالَ فِي لِسَانِ العَرَبِ (٤/ ٥١٠): "أَي: كَأَنَّهَا تفَرَّقَتْ وَتقَطَّعَتْ قِطَعًا مِنْ شِدَّةِ الغَضَبِ".
وَقَالَ فِي مَوضِعٍ آخَرَ (١٠/ ١٨٢): "فَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وَشِقَّةٌ فِي الأًرْضِ: هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الغَضَبِ وَالغَيظِ. يُقَالُ: قَدْ انْشَقَّ فُلَانٌ مِنَ الغَضَبِ؛ كَأَنَّهُ امْتَلَأَ بَاطِنُهُ بِهِ حَتَّى انْشَقَّ".
(٤) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٢٦٠٣٤). الصَّحِيحَةُ (٩٩٣).
وَفِي لَفْظٍ فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ (١٦٤١) عَنْ مَكْحُولٍ؛ قِيلَ لِعَائِشَة: "إِنَّ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
=

<<  <  ج: ص:  >  >>