للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك حديث " العترة " قد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المقصود أهل بيته - صلى الله عليه وسلم - بالمعنى الشامل لزوجاته - قلت: أي بطريق التبعية، لا الأصالة -، وعلي، وأهله. ولذلك قال التوربشتي - كما في " المرقاة " (٥/ ٦٠٠): " عترة الرجل: أهل بيته، ورهطه الأدنون, ولاستعمالهم " العترة " على أنحاء كثيرة بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " أهل بيتي " ليعلم أنه أراد بذلك نسله، وعصابته الأدنين، وأزواجه ".

والوجه الآخر: أن المقصود من " أهل البيت ": إنما هم العلماء الصالحون منهم، والمتمسكون بالكتاب، والسنة , قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى: " (العترة) هم أهل بيته - صلى الله عليه وسلم - الذين هم على دينه، وعلى التمسك بأمره ". وذكر نحوه الشيخ علي القاريء في الموضع المشار إليه آنفا. ثم استظهر أن الوجه في تخصيص أهل البيت بالذكر ما أفاده بقوله: " إن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت، وأحواله , فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه، وحكمته. وبهذا يصلح أن يكون مقابلا لكتاب الله سبحانه كما قال: (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة). قلت: ومثله قوله تعالى في خطاب أزواجه - صلى الله عليه وسلم - في آية التطهير المتقدمة: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ). فتبين أن المراد بـ (أهل البيت) المتمسكين منهم بسنته - صلى الله عليه وسلم - فتكون هي المقصود بالذات في الحديث ولذلك جعلها أحد (الثقلين) في حديث زيد بن أرقم المقابل للثقل الأول وهو القرآن , وهو ما يشير إليه قول ابن الأثير في " النهاية ": " سماهما (ثقلين) لأن الآخذ بهما (يعني الكتاب والسنة) والعمل بهما ثقيل , ويقال لكل خطير نفيس (ثقل) , فسماهما (ثقلين) إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما ".

قلت: والحاصل أن ذكر أهل البيت في مقابل القرآن في هذا الحديث كذكر سنة الخلفاء الراشدين مع سنته - صلى الله عليه وسلم - في قوله: " فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين ... ". قال الشيخ القاريء (١/ ١٩٩): " فإنهم لم يعملوا إلا بسنتي, فالإضافة إليهم, إما لعملهم بها, أو لاستنباطهم واختيارهم إياها ". إذا عرفت ما تقدم فالحديث شاهد قوي لحديث " الموطأ " بلفظ: " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما , كتاب الله وسنة رسوله ". وهو في "المشكاة" (١٨٦). وقد خفي وجه هذا الشاهد على بعض من سود صفحات من إخواننا الناشئين اليوم في تضعيف حديث الموطأ. والله المستعان ...].

وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث أن المراد بعترته: أهل بيته، وسوف يأتي في التعليق التالي - بمشيئة الله - زيادة بيان للمراد بالأهل.

<<  <   >  >>