للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


رأيت ابن القيم ذكر في كتابه " مسألة السماع " (ص ١٣٣) أثرا من رواية أبي شعيب الحراني بسنده عن خالد عن ابن سيرين أن عمر بن الخطاب كان إذا سمع صوت الدف سأل عنه؟ فإن قالوا: عرس، أو ختان سكت. ورجاله ثقات ولكنه منقطع، وقد أبعد النجعة في عزوه لأبي شعيب الحراني، وإن كان ثقة، فإنه ليس مؤلف معروف، وقد رواه من هو أشهر منه وأوثق، ومن المصنفين كابن أبي شيبة (٤/ ١٩٢) وقال: "أقره" مكان "سكت" وعبد الرزاق (١١/ ٥)، وعنه البيهقي (٧/ ٢٩٠) من طريقين عن أيوب عن ابن سيرين: أن عمر كان ... إلخ. ولفظ ابن أبي شيبة: عن ابن سيرين قال: (نبئت أن عمر) وهذا صريح في الانقطاع، وما قبله ظاهر في ذلك؛ لأن محمد بن سيرين لم يدرك عمر بن الخطاب، ولد بعد وفاته بنحو عشر سنين.
وقد استدل بعضهم للمسألة بحديث عبد الله بن بريدة عن أبيه: أن أمة سوداء أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجع من بعض مغازيه - فقالت: إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا (وفي رواية: سالما) أن أضرب عندك بالدف [وأتغنى]؟ قال: (إن كنت فعلت (وفي الرواية الأخرى: نذرت) فافعلي وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي). فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ودخل غيره وهي تضرب ثم دخل عمر قال: فجعلت دفها خلفها (وفي الرواية الأخرى: تحت إستها ثم قعدت عليه) وهي مقنعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان ليفرق (وفي الرواية: ليخاف) منك يا عمر أنا جالس ههنا [وهي تضرب] ودخل هؤلاء [وهي تضرب] فلما أن دخلت [أنت يا عمر] فعلت ما فعلت (وفي الرواية: ألقت الدف)، أخرجه أحمد والسياق له والرواية الأخرى مع الزيادات للترمذي وصححه هو وابن حبان وابن القطان وهو مخرج في " الصحيحة " (١٦٠٩ و ٢٢٦١) وسكت عنه الحافظ في " الفتح " (١١/ ٥٨٧ - ٥٨٨)، وقد ترجم لحديث بريدة هذا جد ابن تيمية - رحمهما الله تعالى - في " المنتقى من أخبار المصطفى " بقوله: باب ضرب النساء بالدف لقدوم الغائب وما في معناه. قلت: وفي الاستدلال بهذا الحديث على ما ترجم له وقفة عندي؛ لأنها واقعة عين لا عموم لها، وقياس الفرح بقدوم غائب مهما كان شأنه على النبي - صلى الله عليه وسلم - قياس مع الفارق كما هو ظاهر؛ ولذلك كنت قلت في " الصحيحة " (٤/ ١٤٢) عقب الحديث: وقد يشكل هذا الحديث على بعض الناس لأن الضرب بالدف معصية في غير النكاح، والعيد، والمعصية لا يجوز نذرها، ولا الوفاء بها، والذي يبدو لي في ذلك: أن نذرها لما كان فرحا منها بقدومه عليه السلام صالحا منتصرا اغتفر لها السبب الذي نذرته لإظهار فرحها خصوصية له - صلى الله عليه وسلم - دون الناس جميعا فلا يؤخذ منه جواز الدف في الأفراح كلها؛ لأنه ليس هناك من يفرح به كالفرح به - صلى الله عليه وسلم - ولمنافاة ذلك لعموم الأدلة المحرمة

<<  <   >  >>