للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


قلت: وأما الحديث الذي ذكره ابن القيم: (ما من رجل يمر بقبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام) فهو حديث ضعيف، لا يثبت، فقد أخرجه ابن حبان في المجروحين (٢/ ٥٨)، والخطيب في تاريخ بغداد (٦/ ١٣٧) (٣١٧٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - والحديث ضعفه الشيخ الألباني في الضعيفة (٤٤٩٣).
وقد سلك العلماء في الجمع بين حديث الباب، ودعاء دخول المقابر، مسالك ومما وقفت عليه في ذلك ما نقله ابن حجر في الفتح (١١/ ٥) عن ابن العربي فقال: (وقال بن العربي في السلام على أهل البقيع لا يعارض النهي في حديث أبي جرى، لاحتمال أن يكون الله أحياهم لنبيه - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليهم سلام الأحياء، كذا قال، ويرده حديث عائشة المذكور- أي الذي علمها فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاء دخول المقابر بلفظ: (السلام على أهل الديار من المؤمنين) - قال: ويحتمل أن يكون النهي مخصوصا بمن يرى أنها تحية الموتى، وبمن يتطير بها من الأحياء فإنها كانت عادة أهل الجاهلية، وجاء الإسلام بخلاف ذلك) ثم نقل ابن حجر عن القرطبي وجهاً آخر فقال: (وقال القرطبي: يحتمل أن يكون حديث عائشة لمن زار المقبرة فسلم على جميع من بها، وحديث أبي جرى إثباتا، ونفيا في السلام على الشخص الواحد).
قلت: ومن أقوى الأدلة في هذه المسألة ما رواه عبد الرزاق (٢/ ٢٠٤) (٣٠٧٥) عن بن جريج عن عطاء (أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يسلمون والنبي - صلى الله عليه وسلم - حي السلام عليك أيها النبي، ورحمة الله، وبركاته، فلما مات قالوا: السلام على النبي، ورحمة الله، وبركاته) وقد صحح إسناده الشيخ الألباني في هامش صفة الصلاة (ص/٩٨)، وأثبت تصريح ابن جريج بالسماع، وهذه المسألة محل الشاهد فيها ظاهر من أن الصحابة - يعني من نقل عنهم هذا التفريق كابن مسعود، وأم المؤمنين عائشة، وغيرهما ممن نقل عنهم نحو هذا التفريق بالأسانيد الصحيحة - رضي الله عنهم أجمعين - لم يفرقوا بين حالتي موته، وحياته - صلى الله عليه وسلم - في تقديم لفظ السلام علة المدعو له، ويتأيد هذا ويقوى في عدم التفريق أحاديث دعاء دخول المقابر، وأولى الأقوال عندي في الجمع أصولياً بين المفهوم المستفاد من إقراره - صلى الله عليه وسلم - للخبر الوارد في حديث أبي جري - رضي الله عنه -، وما سبق، أن كلا الأمرين جائز، وأولاهما تقديم لفظ السلام على المسلم عليه، والله أعلم.،
(٢) قال ابن القيم في بدائع الفوائد (٢/ ٢٦٨: ٢٧٢): [أما السؤال الرابع، وهو ما معنى السلام المطلوب عند التحية؟ ففيه قولان مشهوران، أحدهما: أن المعنى اسم السلام عليكم، والسلام هنا هو الله - عز

<<  <   >  >>