للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد بلغني عن ابن دقيق العيد أنه ارتدت الشهادة عنده بحكم حنفي بعصمه دم من نُسب إليه مكفر لينقذه، فامتنع وأمر الشاهدين بأن يشهدا على المنسوب إليه ذلك بالإقرار به، فذهبا إليه وشهدا على إقراره بما نسب إليه ثم حكم بعصمة دمه حكماً مبتدأ، وهذا منه إما احتياط أو لعدم نظر في المسألة مع أني كنت أتبعه في ذلك حتى نظرت فيها فوجدت الحق يقتضي أن ذلك ليس بشرط، والحق أحق أن يتبع، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في مختصر المزني لو شهد عليه شاهدان بالردة فأنكر قيل له: إن أقررت بالشهادتين وتبرأت عن كل دين يخالف دين الإسلام لم يكشف عن غيره انتهى.

قيل: أراد الكشف عما شهد الشهود من ردته، وقيل: الكشف عن باطن أمره، لأنا لا نطلع على أفعال القلوب، وعلى كل فقد صرح الأصحاب بأنهما لو شهدا عليه بالردة قبلا، وأن أنكر، فعليه أن يسلم، ولا يفيده إسلامه في رفع الحكم بطلاق زوجته بردته، قال ابن الصباغ: ولا يفيده أيضاً الحكم بإسلامه، فكلامهم سيما كلام ابن الصباغ صريح في الحكم بإسلامه، فيشهد لما قلناه لشمول كلامهم للمحلّ المختلف فيه كالمجمع عليه.

نعم الحكم بإسلامه فقط لا يرفع الخلاف؛ لأن المالكي يقتله للحد لا للكفر بخلاف الحكم بعصمة الدم. انتهى المقصود من كلام السبكي.

<<  <   >  >>