للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) - إلى قوله - (أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ، وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) فهذا كله يبين قبح ما كانوا عليه قبل النهي، وقبل إنكاره عليهم، ولهذا استفهم استفهام منكر، فقال: (أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ، وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) أي: وخلق ما تنحتون، فكيف يجوز أن تعبدوا ما تصنعونه بأيديكم؟ وتدعون رب العالمين.

فلولا أن حسن التوحيد، وعبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وقبح الشرك ثابت في نفس الأمر، معلوم بالعقل، لم يخاطبهم بهذا إذ كانوا لم يفعلوا شيئا يذمون عليه، بل كان فعلهم كأكلهم وشربهم، وإنما كان قبيحاً بالنهي، ومعنى قبحه: كونه منهياً عنه، لا لمعنى فيه؛ كما تقوله المجبرة" (١) أ. هـ.

وقال القاسمي: (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ) أي: أتريدون بطريق الكذب، آلهة دون الله؟

القول في تأويل قوله تعالى: (فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ).

"فما ظنكم برب العالمين" أي: بمن هو الحقيق بالعبادة، لكونه ربا للعالمين، حتى تركتم عبادته وأشركتم به غيره. والمعنى: لا يقدر في وهم ولا ظن ما يصد عن عبادته. لأن استحقاقه للعبادة أظهر من أن يختلج عرق شبهة فيه. فأنكر ظنهم الكائن في بيان استحقاقه للعبادة. وهو الذي حملهم على عبادة غيره. أو المعنى: فما ظنكم به؟ ماذا يفعل بكم وكيف يعاقبكم وقد عبدتم غيره؟ وعلى كل، فالاستفهام إنكاري. والمراد من إنكار الظن إنكار ما يقتضيه" (٢) أ. هـ.

* * *


(١) مجموع الفتاوى (١١/ ٦٨١: ٦٨٢).
(٢) محاسن التأويل: (١٤/ ٥٠٤٦).

<<  <   >  >>