للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين حال ما ذكرتموه، وبين حال الكافر الأصلي.

- فمنهم من يقول: لقد نطق بالشهادتين مريداً للإسلام، فثبت له عقده، ثم وقع في فعل مكفر لم يقصد به المروق، ولا الخروج من الملة ..

والجواب: نعم إن النطق بالشهادتين مع عدم التلبس بناقض حال التلفظ بها يكون دلالة على عصمة الدم، والمال، والحكم على صاحبها بالإسلام، مع افتراض توفر شروط عصمة الدم والمال لديه دون امتحان أو سؤال.

لكن هل التعويل في ذلك على النطق بألفاظ مبهمة، خفية الحقائق، والمعاني، واللوازم؛ أم المقصود إرادة المعاني، والمقاصد التي جعلت الألفاظ دلالة عليها، وعلى إرادة موجبها، حتى يتطابق ويتحقق المعنى الخارجي للألفاظ مع مراد المتكلم ومقصوده.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "والتعويل في الحكم على قصد المتكلم، والألفاظ لم تقصد لنفسها، وإنما هي مقصود للمعاني، والتوصل بها إلى معرفة مراد المتكلم." (١).

وقال أيضاً: "والألفاظ لم تقصد لذواتها، وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم" (٢).

وقال أيضاً: "وهذا الذي قلناه من اعتبار النيات والمقاصد في الألفاظ، وأنها لا تلزم بها أحكامها حتى يكون المتكلم بها قاصداً لها، مريداً لموجباتها، كما أنه لا بد أن يكون قاصداً للتكلم باللفظ مريداً له، فلا بد من إرادتين:

إرادة التكلم باللفظ اختياراً، وإرادة موجبه ومقتضاه؛ بل إرادة المعنى آكد من إرادة اللفظ، فإنه المقصود واللفظ وسيلة، هو قول أئمة الفتوى من علماء الإسلام" (٣).

وقال سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام: "إذا نطق الأعجمي بكلمة


(١) أعلام الموقعين عن رب العالمين (١/ ٢٧٩).
(٢) المصدر السابق (١/ ٢٨٠).
(٣) المصدر السابق (٣/ ٨٤).

<<  <   >  >>