للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسُولاً مِنْهُمْ) (١) ولقوله تعالى (لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ). ونحن قد أنذر آباؤنا ...

والذي يعذر بالجهل في الكفر بالإله يلزمه لا محالة قبوله في الكفر بالرسالة من باب أولى.

- وقد يقول بعضهم نحن لا يلزمنا شيء من تلك اللوازم لأننا لا نعذر بالجهل في الشرك الأكبر لدى الأمم السابقة إلا أننا نقول به لهذه الأمة خاصة، دون من سبقها من الأمم.

والجواب: قد مرت علينا عموم حجج التوحيد لكافة البشر، وسائر العبيد، ولم يأت فيها الاستثناء لأي واحد من الذرية كان محلاً لإبرام تلك الحجج والمواثيق.

والرخص التي يتمتع بها أهل القبلة، لا تكون إلا لعبد موحد، متحنف، تارك للشرك على بصيرة وقصد، ومنخلع منه إلى توحيد ربه في ربوبيته وألوهيته، مع إيمانه برسالة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وقبوله واتباعه لكافة أحكامه.

قال تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) (٢).

قال القرطبي: (فَإِنْ تَابُوا) أي: عن الشرك، والتزموا أحكام الإسلام قال ابن عباس - رضي الله عنهما - حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة" (٣).

فهذا وصف أهل القبلة: الانخلاع من الشرك مع التزام الشرائع، فهذا هو الذي يترخص برخص أهل القبلة، أما المشرك فقد بان عن وصف أهل القبلة فلا يتمتع برخصها.

قال ابن تيمية في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت بها


(١) سورة الجمعة، الآية: ٢.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١١.
(٣) الجامع لأحكام القرآن: (٨/ ٨١).

<<  <   >  >>