للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث: عموم حجية الميثاق على كافة البشر:

في بداية هذا المبحث أذكر القارئ مرة أخرى بأثر أبي بن كعب رضي الله عنه والذي جاء فيه: "قال جمعهم جميعاً فجعلهم أرواحاً في صورهم، ثم استنطقهم فتكلموا، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى: قال: فإني أشهد عليكم السموات السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة: إنا لم نعلم بهذا، اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري، ولا تشركوا بي شيئا، إني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي. قالوا: شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك؛ فأقروا ... (١).

قال الإمام السيوطي: "وأخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن مردوية والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة؛ فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرها بين يديه كالنذر، ثم كلمهم قبلا قال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا - إلى قوله - الْمُبْطِلُونَ) " (٢).

وقال الإمام الطبري: "حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن علية، عن


(١) قد مر تخريجه في المبحث الأول فليراجع هناك.
(٢) الدر المنثور في التفسير بالمأثور (٣/ ١٥٥) وقال الشيخ محمود محمد شاكر معلقاً عليه: خبر ابن عباس هذا من حديث كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جيبر، عن ابن عباس، رواه أبو جعفر بخمسة أسانيد: هذا، ورقم: ١٥٣٣٩ - ١٥٣٤١، ثم رقم: ١٥٣٥٠. وهذا الأول هو المرفوع وحده، وسائرها موقوف على ابن عباس. ورواه أبو جعفر بإسناده هذا مرفوعاً في التاريخ ١: ٦٧.

ورواه مرفوعاً احمد في مسنده رقم: ٢٤٥٥، من طريق حسين بن محمد، وهو طريق أبي جعفر. ورواه مرفوعاً أيضاً، الحاكم في المستدرك ١: ٢٧، من طريق إبراهيم بن مرزوق البصري، عن وهب بن جرير بن حازم، عن جرير بن حازم، بمثله، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وقد احتج مسلم، بكلثوم بن جبر"، ووافقه الذهبي، ثم رواه في المستدرك ٢/ ٥٤٤ من طريق الحسن بن محمد المروروذي، عن جرير بن حازم، وصححه، ووافقه الذهبي.
وذكره مرفوعاً، الهيثمي في مجمع الزوائد ٧/ ٢٥، ٧/ ١٨٨ - ١٨٩، وقال: "رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح".
وأما من رواه موقوفاً فابن جرير بالأسانيد التالية: ١٥٣٣٩ - ١٥٣٤١، ١٥٣٥٠، وابن سعد في الطبقات ١/ ١/٨، من طريق ابن علية، عن كلثوم، ومن طريق حماد بن زيد، عن كلثوم وذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٥٨٤ - ٥٨٥، وفي تاريخه ١/ ٩٠، وطال الكلام في تعليله، وجعل كثرة رواه وقفه علة في رد رواية من رفعه، وقال في ص: ٥٨٩، أنه قد بين أنه موقوف لا مرفوع؛ فقال أخي السيد أحمد في شرح المسند: "وكأن ابن كثير يريد تعليل المرفوع بالموقوف، وما هذه بعلة، والرفع زيادة من ثقة، فهي مقبولة صحيحة". وقال أيضاً: "إسناده صحيح". أ. هـ. تفسير الطبري (١٣/ ٢٢٢ - ٢٢٣). وقال الشوكاني: وإسناده لا مطعن فيه. فتح القدير (٢/ ٢٦٣) وقال ابن كثير: رواه أحمد بإسناد جيد قوي على شرط مسلم، ثم رجح وقفه. البداية والنهاية (١/ ٨٣).
وحكم الألباني بأنه على شرط الإمام مسلم وصحح رفعه لسببين:
الأول: أنه في تفسير القرآن، وما كان كذلك فهو في حكم المرفوع ... الآخر: أن له شواهد مرفوعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جمع من الصحابة. أ. هـ. سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (٤/ ١٥٨ - ١٥٩) حديث رقم / ١٦٢٣.

<<  <   >  >>