للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: العقل حجة مستقلة في بطلان الشرك]

قال ابن تيمية: "وهذا يقتضي - أي فطر الذرية على التوحيد - أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة في بطلان الشرك، لا يحتاج ذلك إلى رسول، فإنه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا" (١) أ. هـ.

وقال ابن القيم: "وهذا يقتضي - أي فطر الذرية على التوحيد - أن نفس العقل الذي به يعرفون التوحيد حجة في بطلان الشرك لا يحتاج ذلك إلى رسول، فإنه جعل ما تقدم حجة عليهم بدون هذا" (٢) أ. هـ.

وقال رحمه الله في قوله تعالى: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٣).:

"فهذا استدلال قاطع على أن الإيمان بالله أمر مستقر في الفطر والعقول، وأنه لا عذر لأحد في الكفر به ألبتة" (٤) أ. هـ.

وقال رحمه الله في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (٥):

"فضرب لهم سبحانه مثلاً من عقولهم يدلهم على قبح عبادتهم لغيره، وأن هذا أمر مستقر قبحه وهجنته في كل عقل وإن لم يرد به الشرع، وهل في العقل أنكر وأقبح من عبادة من لو اجتمعوا كلهم لم يخلقوا ذباباً واحداً، وإن يسلبهم الذباب شيئا لم يقدروا على الانتصار منه واستنقاذ ما سلبهم إياه. وترك عبادة الخلاق العليم القادر على كل شيء الذي ليس كمثله شيء.


(١) درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٤٩١).
(٢) أحكام أهل الذمة (٢/ ٥٦٣) ويلاحظ: تطابق كلام ابن القيم، مع كلام شيخه.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٨.
(٤) بدائع التفسير (١/ ٢٩٨).
(٥) سورة الحج، الآية: ٧٣.

<<  <   >  >>