للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه فقد كذّب الله في خبره، ومن كذّب الله تعالى في خبره فهو كافرٌ إجماعاً (١)، والله أعلم.

وقال ابن شعبان (٢) عن مالك - رحمه الله - في قتل من سبّ عائشة: (لأن الله تعالى يقول: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور: ١٧] فمن عاد لمثله فقد كفر) (٣).


(١) لشيخ الإسلام ابن تيمية تفصيل جميل في حكم سابّ الصحابة متى يكفر؟ ومتى لا يكفر؟ في الصارم المسلول (ص ٥٨٦ - ٥٨٧)، حيث بين أن من اقترن بسبه دعوى الألوهية لأحد من الصحابة أو دعوى النبوة لأحدهم أو القول بأن جبريل غلط في الرسالة، وكذلك من زعم أن القرآن نُقص منه آيات أو له تأويلات باطنة تسقط الشرع الظاهر، أو زعم أنهم ارتدّوا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نفراً قليلاً، أو أن عامتهم فسّاق، ونحو ذلك، فهذا لا شك في كفره ولا خلاف في تكفيره.
أما من سبهم سبًّا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، مثل وصف بعضهم بالبخل، أو الجبن، أو قلة العلم، أو عدم الزهد، ونحو ذلك، فهذا يستحق التأديب والتعزير، ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك.
وأما من لعن وقبّح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم؛ لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.
(٢) هو محمد بن قاسم بن شعبان، أبو إسحاق المصري، المعروف بابن القرطبي الحافظ، انتهت إليه رئاسة المالكية في مصر، أخذ عن ابن صدقة وغيره، وأخذ عنه الغافقي، والخولاني، وجماعة.
وله مؤلفات منها: المختصر بما ليس في المختصر، والزاهي في الفقه ومناقب مالك، وكتاب الأشراط.
قال الذهبي: كان صاحب سنة واتباع، وباع مديد في الفقه مع بصر بالأخبار وأيام الناس، مع الورع والتقوى، وسعة الرواية، مات سنة (٣٥٥ هـ).
انظر: ترتيب المدارك (٣/ ٢٩٣)، وميزان الاعتدال (٤/ ١٤)، وسير أعلام النبلاء (١٦/ ٧٨).
(٣) ذكره القاضي عياض في الشفا (٢/ ١١٠٩)، والزواوي في مناقب مالك (ص ١٤٤).

<<  <   >  >>