للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: ٩٣]، في (١) قول كل العلماء إلا ابن عباس - رضي الله عنهما - وقد ثبت رجوع ابن عباس عنه (٢)، والله أعلم.


(١) في (ظ) و (ن): (وفي).
(٢) المشهور عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قاتل المؤمن عمداً أنه لا توبة له، وهو خالد في نار جهنم.
ولكن هناك من الآثار والأخبار ما تبين أنه رجع عن قوله هذا، وأنه آخر قوليه في هذه المسألة، منها:
قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (٣/ ٢٨٥): (وذهب جماعة من العلماء منهم عبد الله بن عمر - وهو مروي عن زيد وابن عباس - إلى أنه له توبة) ثم ساق أثراً عنه يبين رجوعه (٣/ ٢٨٦) قائلاً: (روى يزيد بن هارون قال: أخبرنا أبو مالك الأشجعي عن سعد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: ألمن قتل مؤمناً متعمداً توبة؟ قال: لا، إلا النار، قال: فلما ذهب قال له جلساؤه: أهكذا كنت تفتينا؟ كنت تفتينا أن لمن قتل توبة مقبولة، قال: إني لأحسبه مغضباً يريد أن يقتل مؤمنا. قال: فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك) وذكره أيضاً السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٦٢٩)، وقال القرطبي معقباً على ذلك: (وهذا مذهب أهل السنة وهو الصحيح، وأن هذه الآية مخصوصة، ودليل التخصيص آيات وأخبار).
وساق الإمام السيوطي في تفسيره آثاراً عن ابن عباس - رضي الله عنهما - تؤكد وتبين رجوعه عن قوله الأول، فقد قال في الدر المنثور (٢/ ٦٢٧): (وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقول: جزاؤه جهنم إن جازاه، يعني: للمؤمن وليس للكافر، فإن شاء عفا عن المؤمن، وإن شاء عاقب)، وقال في تفسيره (٢/ ٦٢٧) أيضاً: (وأخرج ابن المنذر من طريق عاصم بن أبي النجود عن ابن عباس في قوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: ٩٣] قال: هي جزاؤه إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له).
والذي عليه أهل السنة والجماعة أن القتل العمد من أعظم كبائر الذنوب عند الله، ولكن القاتل لا يخلد في نار جهنم، بل هو إن مات ولم يتب من ذلك تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه في النار، ثم يخرجه منها إلى الجنة؛ لأنه تعالى - فضلاً منه - لا يخلد في النار أحداً من الموحدين. وقد ذكر الشوكاني في فتح القدير =

<<  <   >  >>