للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن كان من قوله هو أنه أو طائفة غيره قد خرجت عن كل أمر ونهي بحيث لا يجب عليها شيء، ولا يحرم عليها شيء، فهؤلاء أكفر أهل الأرض وهم من جنس فرعون وذويه ...

وكثير (١) من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة الذي يندرس فيها كثير من علوم النبوات حتى لا يبقى من يبلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة، فلا يعلم كثيرا مما يبعث الله به رسوله ولا يكون هناك من يبلغه ذلك، ومثل هذا لا يكفر (وأخذ يدلل على هذا) ..

فقد تبين: أن هذا القول كفر ولكن تكفير قائله لا يحكم به حتى يكون قد بلغه من العلم ما تقوم به عليه الحجة التي يكفر تاركها، ودلائل فساد هذا القول كثيرة في الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة وأئمتها ومشائخها، لا يحتاج إلى بسطها بل قد علم بالاضطرار من دين الإسلام: أن الأمر والنهي ثابت في حق العباد إلى الموت.

وأما قول القائل: هل يصدر ذلك عمن في قلبه خضوع للنبي، صلى الله عليه وسلم،؟

فيقال: هذا لا يصدر عمن هو مقر بالنبوات مطلقاً. بل قائل ذلك كافر بجميع الأنبياء والمرسلين، لأنهم جميعاً أتوا بالأمر والنهي للعباد إلى حين الموت بل لا يصدر هذا القول ممن في قلبه خضوع لله وإقرار بأنه إله العالم، فإن هذا الإقرار يستلزم، أن يكون الإنسان عبداً لله خاضعاً له، ومن سوغ الإنسان أن يفعل ما يشاء من غير تعبد بعبادة الله، فقد أنكر أن يكون الله إلهه (٢). ا. هـ.

انظر -رحمك الله- إلى هذه الفتوى فإنه قرر في أولها أنهم أكفر أهل الأرض وأكفر من اليهود والنصارى وأنهم أخبث من المشركين، ثم ينفي الكفر عنهم بعد ذلك لقلة العلم وغلبة الجهل وهذا هو الكفر المعذب عليه، ثم يثبت بعد هذا أنهم كفار بجميع الكتب والرسل وكفار بإلهية الله وهذا هو الكفر قبل الخبر وقيام الحجة.

وقال ابن القيم -رحمه الله- (في الرد على الإمام ابن عبد البر في إنكاره أحاديث الامتحان لأهل الفترات مستشهداً بقوله) ولا يخلو من مات في الفترة من أن يكون كافراً أو غير كافر ..


(١) في ص: ٤٠٧.
(٢) جـ: ١١ ص: ٤٠١: ٤١٣ لمجموع الفتاوى.

<<  <   >  >>