للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه البداء، أو أضاف إليه الولد منهم، أو أضاف إليه الصاحبة والولد وأجاز الحلول عليه والانتقال والامتزاج من النصارى، أو وصفه مما لا يليق به أو أضاف إليه الشريك والمعاند فيخلقه من المجوس والثنوية فمعبودهم الذي عبدوه ليس هو الله وإن سموه به إذ ليس موصوفاً بصفات الإله الواجبة له فإذا ما عرفوا الله -سبحانه- فتحقق هذه النكتة واعتمد عليها وقد رأيت معناها لمتقدمي أشياخنا وبها قطع الكلام أبو عمران الفارسي بين عامة أهل القيروان عند تنازعهم في هذه المسألة. هذا آخر كلام القاضي-رحمه الله تعالى (١) - اهـ.

[المبحث السادس: استحالة عبادة الله بالشرك]

قال ابن تيمية (٢) في تفسير قوله -تعالى-: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) فقوله: (وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ). يتناول شركهم فإنه ليس بعبادة الله، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه، فإذا أشركوا به لم يكونوا عابدين له، وإن دعوه وصلوا له. وأيضاً فما عبدوا ما يعبده وهو الموصوف بأنه معبود على جهة الاختصاص، بل هذا يتناول عبادته وحده، ويتناول الرب الذي أخبر به بما له من الأسماء والصفات، فمن كذّب به في بعض ما أخبر به عنه فما عبد ما يعبده من كل وجه.

وأيضاً فالشرائع قد تتنوع في العبادات، فيكون المعبود واحداً، وإن لم تكن العبادة مثل العبادة، وهؤلاء لا يتبرأ منهم، فكل من عبد الله مخلصاً له الدين فهو مسلم في كل وقت، ولكن عبادته لا تكون إلا بما شرعه ....

-إلى أن قال في ص: ٥٥٤ - وهذه السورة يؤمر بها كل مسلم، وإن قد أشرك بالله قبل قراءتها فهو يتبرأ في الحاضر والمستقبل مما يعبده المشركون في أي زمان كان، وينفى جوار عبادته لمعبودهم، ويبينأن مثل هذا لا يكون ولا يصلح ولا يسوغ فهو ينفي جوازه شرعاً (٣) ووقوعاً ....

وأما قوله عن الكفار: (وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ). فهو خطاب لجنس الكفار وإن


(١) صحيح مسلم بشرح النووي جـ: ١ ص: ١٩٩: ٢٠٠.
(٢) جـ: ١٦ ص: ٥٥٠: ٦٠٠ لمجموع الفتاوى.
(٣) شرعاً: أي الحكم الشرعي -وقوعاً: أي براءته من الشرك.

<<  <   >  >>