للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخلع عبادة كل ما سواه هي: أول واجب بالإجماع وهي النافعة دون غيرها في الدارين ذكره متواتر في كتب العلماء.

وهنا مسألة يجب التنبيه عليها وهي: أن اشتراط العلم المقصود به: العلم بصفات الله التي توجب تفرده بالألوهية والتبرأ من ألوهية ما سواه ولو علم ذلك من باب السؤال والتقليد فهذا نافعه بإتفاق الأمة إلا المعتزلة ومن نحى منحاهم في هذه المسألة فإنهم وقفوا الإيمان على قوانين محدثة مبتدعة بعضها حق وأكثرها باطل وفرضوا على كل عبد أن يستدل بنفسه على وفق قوانينهم، وأن يصل بعد الاجتهاد إلى أصول دينهم المخالفة لأصول دين المسلمين. وهذا القدر عندهم لا إعذار فيه وسموه أصول الدين، وما دونه من الفروع يدخله الإعذار وهي التي سماها ابن تيمية بدعة تقسيم الدين إلى أصول وفروع رداً على المعتزلة والمتكلمين وما أحدثوه من المسائل والدلائل المحدثة المبتدعة. فأهل السنة دائماً ينفون ما ابتدعه هؤلاء (وسيأتي بمشيئة الله وعونه مزيد بيان لهذه المسألة) (١) فانتبه للفرق بين المسألتين حتى لا يأتي الخلط والعياذ بالله من ذلك.

[المبحث السابع: العلم قبل القول والعمل]

قال البخاري في صحيحه كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل لقوله -تعالى-: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) [محمد: ١٩]. فبدأ بالعلم.

قال الحافظ قوله: "العلم قبل القول والعمل" قال ابن المنير: أراد به أن العلم شرط في صحة القول والعمل فلا يعتبران إلا به فهو متقدم عليهما لأنه مصحح للنية المصححة للعمل ... -قال الحافظ-: وينتزع منها دليل على ما يقوله المتكلمون: من وجوب المعرفة، لكن النزاع كما قدمناه إنما هو في إيجاب تعلم الأدلة على القوانين المذكورة في كتب الكلام، وقد تقدم شيء من هذا في كتاب الإيمان (٢) اهـ.

قلت: فهذا النص من الحافظ -رحمه الله تعالى- في غاية البيان والوضوح في مسألة أن


(١) انظر -باب الرد على الشبهات -مسألة تقسيم الدين إلى أصول وفروع.
(٢) فتح الباري جـ: ١ ص: ١٩٢: ١٩٣.

<<  <   >  >>