للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَهْدِيُّنا لَيس منْتَظَرًا

إذا كان مفهوم "الانتظار" في وصف المهدي بأنه "منتظر" يعني تأجيلَ كلِّ جَهْدٍ، وتعطيلَ كلِّ سعيٍ من شأنه التمكينُ للإسلام، ورفعُ رايته، وإعلاءُ كلمته- ترقبًا لميلاد المهدي، أو انتظارًا لخروجه- فإن مهدِينا -أهلَ السنة- ليس منتظرًا. أما إذا كان "الانتظار" يعني مجرد ترقب ظهوره كشرط من أشراط الساعة، والاستبشار بذلك كما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أبشركم بالمهدي" (١)، ذلك الاستبشار الذي يزرع الأمل في صحراء اليأس (٢)؛ فلا حرج في ذلك بشرط عدم تعليق الأعمال الشرعية


(١) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣٧)، (٣/ ٥٢)، وإسناده ضعيف، كما في "الموسوعة في أحاديث المهدي الضعيفة والموضوعة" ص (٧١ - ٧٣).
(٢) وقد كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- تبشير المؤمنين بالنصر والتمكين وحسن العاقبة في وقت المحن، كما في حديث خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ».
أخرجه البخاري (٦/ ٤٥٦ - فتح)، وانظر: "تفسير الطبري" (٢١/ ١٣٣، ١٣٤).

<<  <   >  >>