للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعمال الجوارح- كالخوف الرجاء والمحبة والتوكل ... وكذا العبادات القولية كالذكر والدعاء والاستغفار، هل نخرجها من هذا الحديث؟! وليس هذا تأويلاً للحديث وحملاً له على غير ظاهره، بل هو حقيقة معناه، وظاهر سياقه (١).

والقول: بهذا المعنى للهرولة، ليس هروباً من إثباتها صفة لله تعالى، لأنها توهم معنى فاسداً -كما هو منهج نفاة الصفات-، وإنما لأن سياق الحديث وظاهره يدل عليه، ولو لم يرد في السياق ما يدل عليه لتعين إثباتها صفة لله تعالى على ما يليق بجلاله، ولذلك فقد أجمع أهل السنة والجماعة على إثبات صفة المجيء والإتيان له سبحانه على ما يليق بجلاله، لدلالة النصوص الصحيحة عليهما، والهرولة من جنسهما، ولكن لأنه لم يدل دليل صريح على إثباتها صفة لله تعالى فإنه لا يتوجه إثباتها صفة له، والله أعلم؛ ثم إن الهرولة جاءت في الحديث مقيدة، فالله يأتي هرولة لمن أتاه يمشي، ولم يأتِ مطلقة كبقية الصفات المطلقة، ولذا فمن أثبتها صفة لله تعالى ينبغي له تقييدها بما قُيدت به في الحديث، فلا يجعلها صفة لله تعالى على وجه الإطلاق (٢).

وقد قال الشيخ محمد العثيمين: عن هذا القول: إن له حظاً من النظر (٣)، مع أنه قد انتصر للقول الثاني.

١٠ - صفتا الإتيان والمجيء لله - عز وجل -:

يقرر الشيخ - رحمه الله - صفة الإتيان لله - عز وجل -، فيقول: " إتيانٌ حقيقي يليق بجلاله تعالى لا يشبه إتيان المخلوق، ولا نتأوله على إتيان رحمته أو ملك من ملائكته، بل نثبته كما أثبته السلف في تفسير قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} الأنعام: ١٥٨" (٤).


(١) (ينظر: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعاً ودراسة (ص ١٨٥ - ١٨٦)، وبيان تلبيس الجهمية القسم السادس (١/ ١٥١).
(٢) ينظر: أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعاً ودراسة (ص ١٨٧ - ١٨٨).
(٣) ينظر: القواعد المثلى (ص ٧٢)، وإزالة الستار (ص ٣١).
(٤) فتاوى اللجنة (٣/ ١٧٦).

<<  <   >  >>