للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٤ - السجود لغير الله]

يقرر الشيخ - رحمه الله -: " أن من سجد لغير الله يعتبر كافراً مرتداً عن الإسلام مشركاً مع الله غيره في العبادة، ولو نطق بالشهادتين وقت سجوده؛ لإتيانه بما ينقض قوله من سجوده لغير الله. لكنه قد يعذر لجهله فلا تنزل به العقوبة حتى يُعلم وتقام عليه الحجة ويمهل ثلاثة أيام؛ إعذاراً إليه ليراجع نفسه، عسى أن يتوب، فإن أصرَّ على سجوده لغير الله بعد البيان قتل لردته؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من بدَّل دينه فاقتلوه) (١)، والمشرك لا تقبل منه الأعمال وإذا مات على الشرك فإن الله لا يغفر له، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} النساء: ٤٨، ١١٦، وقوله: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٧٢)} المائدة: ٧٢، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨)} الأنعام: ٨٨، أما إن تاب قبل الموت توبةً نصوحا فإن الله يغفر له، كما قال سبحانه: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} الزمر: ٥٣. أجمع علماء الإسلام أن هذه الآية نزلت في التائبين، أما آية النساء، وهي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} النساء: ٤٨، ١١٦، فهي نزلت في حق غير التائبين، وهم الذين ماتوا على كفرهم ومعاصيهم" (٢).

لا ريب أن السجود عبادة لله وحده، وهذا أمر ظاهر لا خفاء فيه، ففي السجود أبلغ معاني الخضوع والتذلل والانقياد (٣)، مما لا يكون إلا لله وحده لا شريك له، ولقد أخبر الله تعالى بانقياد هذا الكون كله لله وحده لا شريك له، وسجوده له تعالى، فقال


(١) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم (٣٠١٧).
(٢) ينظر: فتاوى الجنة (١/ ٣٣٤ - ٣٣٧).
(٣) جامع الرسائل لابن تيمية، لرشاد سالم (١/ ٢٧)، مجموع الفتاوى (٥/ ٢٣٧).

<<  <   >  >>