للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والطيرة لا تضرُّ من كرهها ومضى في طريقه، وأما من لم يخلص توكله على الله، واسترسل مع الشيطان في ذلك، فقد يُعاقب بالوقوع فيما يكره؛ لأنه أعرض عن واجب الإيمان بالله، وهو الذي يدفع عنه الضر وحده بقُدرته ولطفه وإحسانه، فلا خير إلا منه، وهو الذي يدفع الشَّر عن عبده، فما أصابه من ذلك فبذنبه، كما قال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٧٩)} النساء: ٧٩" (١).

[٨ - التعلق بالأولياء والصالحين]

يقرر الشيخ - رحمه الله -: " بأن الملائكة قدروا الله قدره، وعرفوا كمال عبوديتهم له، وأخلصوا له تفرده بالملك والقهر والسلطان فتأدبوا معه حيث يقومون يوم القيامة صفاً، ويتركون الكلام حتى يأذن لهم فيه، وفي ذلك رد على من يتعلق بالأنبياء والصالحين زعماً منه أنهم يملكون أن يشفعوا له عند الله" (٢).

وقال - رحمه الله -: "ودعاء غير الله من الأولياء والصالحين لكشف ضر أو شفاء مريض أو تأمين طريق مخوف - شرك أكبر يخرج من الإسلام، قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)} الجن: ١٨، وقال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦)} يونس: ١٠٦" (٣).

والغلو في الصالحين يؤول إلى الشرك بالله في الإلهية وهو أعظم ذنب عُصي الله به، وأول شرك وقع على ظهر الأرض، وهو ينافي التوحيد الذي دلَّت عليه كلمة الإخلاص: شهادة أن لا إله الله (٤).


(١) ينظر: الآداب الشرعية لابن مفلح (٤/ ٨)، فتح المجيد (٣٢٥ - ٣٣٦)، والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد (٨٥ - ٨٨)، معنى حديث الشؤم في ثلاثة، أ. د. محمد العلي.
(٢) ينظر: تفسير الجلالين (ص ٢٥٠).
(٣) فتاوى اللجنة (١/ ١٤١).
(٤) ينظر: شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للغنيمان (٣/ ١١٣)، إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (١/ ٢٦٦)، التنجيم والمنجمون وحكم ذلك في الإسلام لعبد المجيد بن سالم المشعبي (ص ٧).

<<  <   >  >>