للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما إطلاقه على متمردي الإنس ففي مثل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} الأنعام: ١١٢، وهو هنا وصف لهم أيضا.

[٢ - الأدلة على وجود الجن]

الدليل السمعي:

أفاض القرآن الكريم والسنة النبوية في الحديث عن الجن وأحوالهم في مواضع كثيرة، فقد ورد ذكرهم في القرآن في مواضع متعددة تقرب من أربعين موضعاً، عدا الآيات التي تحدثت عن الشيطان، وهي كثيرة، وانفردت سورة كاملة للحديث عن أحوال النفر الذين استمعوا للقرآن من الرسول عليه الصلاة والسلام وهو بمكة، وهي سورة الجن، إذ ورد في مطلعها إخبار الله لنبيه باستماع هذا النفر للقرآن، قال تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (٢)} الجن: ١ - ٢، واعتبرهم القرآن نوعاً آخر يشترك مع الإنسان في التكليف، ورتب القرآن الجزاء لهم حسب أعمالهم في الدنيا فقال: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)} السجدة: ١٣، واستنكر القرآن المزاعم التي تقول بأن الجن يعلمون الغيب فقال- في معرض الحديث عن موت سليمان عليه السلام-: {فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (١٤)} سبأ: ١٤. وغير ذلك من الآيات التي تحدثت عن أحوال هذا المخلوق (١).

قال الدميري (٢): " واعلم أن الأحاديث في وجود الجن والشياطين لا تحصى، وكذلك أشعار العرب وأخبارها، فالنزاع في ذلك مكابرة فيما هو معلوم بالتواتر" (٣).


(١) عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة للدكتور عبد الكريم عبيدات (٧٩ - ٨٠).
(٢) هو محمد بن عيسى بن علي الدميري، كمال الدين أبو البقاء القاهري الشافعي، عالم مشارك في أنواع العلوم، من تصانيفه حياة الحيوان الكبرى، ولد سنة (٧٤٢ هـ)، وتوفي سنة (٨٠٨ هـ).
ينظر: الضوء اللامع للسخاوي (١٠/ ٥٩ - ٦٢)، الشذرات (٧/ ٧٩ - ٨٠).
(٣) حياة الحيوان الكبرى (١/ ١٨٨).

<<  <   >  >>