للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٦ - هل إبليس من الجن أم من الملائكة]

يبين الشيخ - رحمه الله - خلاف العلماء في هذه المسألة، فيقول: "اختلف العلماء في إبليس هل هو من الملائكة أو من الجن؟ فقال جماعة: لا يخفى أن الملائكة جنس من مخلوقات الله خلقهم الله من نور، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وأما إبليس فقد ذكر الله تعالى أنه من الجن قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} الكهف: ٥٠،وذكر تعالى عنه قوله في تبرير امتناعه في السجود لآدم {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)} الأعراف: ١٢،أما وجه الاستثناء في قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣١)} الحجر: ٣٠ - ٣١، فهو استثناء منقطع، كقول القائل: جاء القوم إلا حمارا؛ ولأنه خلق من نار السموم والملائكة خلقت من نور؛ ولأن له ذرية تتوالد والملائكة لا تتوالد، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (خلقت الملائكة من نور، وخلق إبليس من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم) (١)، وقال الحسن البصري (٢):

ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وإنه لأصل الجن، كما أن آدم عليه السلام أصل البشر (٣)، ولكن خان إبليس الطبع، وذلك أنه كان مع الملائكة وتشبه بهم وتعبد وتنسك معهم فلهذا دخل في خطابهم وعصى بمخالفة أمر الله بالسجود.


(١) أخرجه مسلم، في كتاب الزهد والرقائق، باب في أحاديث متفرقة برقم (٢٩٩٦) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) هو: أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، كان من سادات التابعين وكبرائهم، جمع كل فن من علم وزهد وورع وعبادة، وكان أبوه مولى زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، وأمه اسمها خيرة مولاة لأم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، نشأ بالمدينة، وحفظ القرآن في خلافة عثمان، وسمعه يخطب مرات، وروى عن عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وجمع من الصحابة رضي الله عنهم توفي سنة (١١٠ هـ).

ينظر: وفيات الأعيان (٢/ ٥٦)، تذكرة الحفاظ (١/ ٧١)، السير (٤/ ٥٦٣)، شذرات الذهب (١/ ١٣٦).
(٣) نقلاً عن تفسير ابن جرير الطبري (١/ ٢٢٦).

<<  <   >  >>