للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعدُّ الترجمة وسيلة من وسائل الدعوة, ومظهراً من مظاهر حوار الحضارات, قديماً وحديثاً ومستقبلاً. خاصة وأن ترجمة تفسير القرآن الكريم لها فوائد عظيمة منها: تبليغ معاني القرآن الكريم بتفسيره للأمة الإسلامية جمعاء, كل أمة بلسانها, ودفع الشبهات والأباطيل التي ألصقها أعداء الإسلام بالقرآن الكريم وتفسيره, وكشف النقاب عن جمال القرآن الكريم ومحاسنه, وإحياء لغة العرب, وتعريب الأعاجم.

ولا ريب في أن تفسير القرآن بلسان أعجمي لمن لا يحسن العربية، يجري في حكمه مجرى تفسيره بلسان عربي لمن يحسن العربية. فكلاهما عرض لما يفهمه المفسر من كتاب الله بلغة يفهمها مخاطبه، لا عرض لترجمة القرآن نفسه، وكلاهما لما يستطاع من المعاني والمقاصد، لا حكاية لجميع المقاصد. وتفسير القرآن الكريم يكفي في تحققه أن يكون بياناً لمراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية ولو جاء على احتمال واحد؛ لأن التفسير في اللغة هو الإيضاح والبيان، وهما يتحققان ببيان المعنى ولو من وجه ولأن التفسير في الاصطلاح علم يبحث فيه عن القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة البشرية وهذا يتحقق أيضاً بعرض معنى واحد من جملة معان يحتملها التنزيل. وإذا كان تفسير القرآن بياناً لمراد الله بقدر الطاقة البشرية، فهذا البيان يستوي فيه ما كان بلغة العرب وما ليس بلغة العرب، لأن كلاً منهما مقدور للبشر، وكلاً منهما يحتاجه البشر، بيد أنه لابد من أمرين: أن يستوفي هذا النوع شروط التفسير باعتبار أنه تفسير، وأن يستوفي شروط الترجمة باعتبار أنه نقل لما يمكن من معاني اللفظ العربي بلغة غير عربية (١).


(١) ينظر: مناهل العرفان في علوم القرآن (٢/ ٣٠).

<<  <   >  >>