للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مركبتهم الفضائية تسبح في هذا الكون الرحب الفسيح، تشرق عليهم وتغرب شأنها كشأن سائر الكواكب، فصوروها حالة الإشراق وحال المغيب، ولا يمكن للعاقل أن يكذب ما يراه بالبصر، لأن إنكار المحسوسات ضرب من الخَبَل؛ وما ظاهرة الخسوف والكسوف، وظاهرة الليل والنهار، وتعاقب الفصول الأربعة، إلا دليل واضح على دوران الأرض.

ب- يرد الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - كذلك على رشاد خليفة: في استدلاله على أن نور القمر مستفاد من الشمس، فيقول: " إن قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا ...} يونس: ٥، وقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (٦١)} الفرقان: ٦١،دليل على أن نور القمر مستفاد من نور الشمس، وذلك دليل على إعجاز القرآن وهذا استنباط باطل، فإنه ليس في الآيتين دليل على ذلك ولا فهم العرب منهما هذه النظرية العلمية وهم أهل العربية وأعرف باللغة التي بها نزل القرآن. وإعجاز القرآن لا يحتاج في إثباته إلى ما ذكر المحاضر وكون نور القمر مستفاداً من نور الشمس لا يتوقف ثبوته على القرآن، بل عرف من طريق آخر كحادث خسوف القمر المتكرر على مر الزمان ومعرفة ذلك في متناول البشر ... فيعرف من له دراية بعلم الفلك، فكيف يجعل ذلك دليلاً تثبت به الرسالة وإعجاز القرآن" (١).

"إن كثراً ممن كتب في الإعجاز العلمي ليس ممن له قدم في العلم الشرعي فضلاً عن علم التفسير، وكان من أخطار ذلك أن جُعلت الأبحاث في العلوم التجريبية أصلاً يُحتكمون إليه، كما وقع لغيرهم من الطوائف المنحرفة. والذي يدل على وقوع الانحراف في هذا الاتجاه الحرص الزائد على إثبات حديث القرآن عن كثير من القضايا التي ناقشها الباحثون التجريبيون ...

وإن كتاب الله أعلى وأجل من أن يجعل عرضة لهذه العقول التي لم تتأصل في علم التفسير، فأين هم من قول القائل: "اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله"؟ ...


(١) مجموعة ملفات الشيخ عبد الرزاق عفيفي (ص ٧٩).

<<  <   >  >>