للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- اختصاصه - صلى الله عليه وسلم - برؤية من وراءه.

قال الشيخ عبد الرزاق - رحمه الله -: " ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأصحابه: (إنه لا يخفى علي ركوعكم ولا خشوعكم، إني أراكم من وراء ظهري) (١) والأصل: أنه كسائر البشر لا يرى من وراء الحجاب الذي لا تخترقه الأبصار إلا ما خصه الدليل" (٢).

قال ابن حجر - رحمه الله -: والصواب المختار أنه محمول على ظاهره، وأن هذا الإبصار، إدراك حقيقي، خاص به - صلى الله عليه وسلم -، انخرقت فيه العادة، على هذا عمل المصنف (٣)، فأخرج هذا الحديث في علامات النبوة، وكذا نقل عن الإمام أحمد وغيره (٤)، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء (٥).

وقال الإمام العيني - رحمه الله -: " قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من وراء ظهري) أي من خلف ظهري ...

والعلماء اختلفوا في معنى هذه الرؤية فقال قوم:

- المراد بها العلم، إما بطريق أنه كان يوحى إليه بيان كيفية فعلهم، وإما بطريق الإلهام، وهذا ليس بشيء لأنه لو كان ذلك بطريق العلم ما كانت فائدة في التقييد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من وراء ظهري).

- وقال قوم المراد به أنه يرى من عن يمينه ومن عن يساره ممن تدركه عينه مع التفات يسير في بعض الأحوال، وهذا أيضاً ليس بشيء وهو ظاهر وأنكر ذلك الإمام أحمد: إنكارا شديدا.

- وقال الجمهور وهو الصواب إنه من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - وإن إبصاره إدراك حقيقي انخرقت له فيه العادة ولهذا أخرجه البخاري هذا الحديث في علامات النبوة.


(١) متفق عليه من حديث أنس، فأخرجه البخاري في الصلاة باب عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة .. (١/ ٥١٥) برقم (٤١٩). ومسلم في الصلاة باب الأمر بتحسين الصلاة برقم (٤٢٥).
(٢) فتاوى اللجنة (١/ ٤٧٧).
(٣) يعني البخاري.
(٤) الفتح (١/ ٥١٤).
(٥) إكمال المعلم للقاضي عياض (٢/ ٣٣٦ - ٣٣٧). وينظر: شرح النووي لمسلم (٤/ ١٤٩).

<<  <   >  >>