للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو لا يدعي الإحاطة بكلمات الله إلا أنه امتاز عنهم بالوحي إليه من الله سبحانه قال يوحى إلي وكفى بهذا الوصف فارقا بينه وبين سائر أنواع البشر (١).

٢ - الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس بشراً مثلنا.

يبين الشيخ - رحمه الله - أن مثل هذا العبارة تحتمل حقاً وباطلاً، فقال: "هذه الكلمة مجملة تحتمل حقاً وباطلاً، فإن أريد بها إثبات البشرية للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ليس مماثلاً للبشر من كل وجه، بل يشاركهم في جنس صفاتهم فيأكل ويشرب ويصح ويمرض ويذكر وينسى ويحيا ويموت ويتزوج النساء ونحو ذلك ويختص بما حباه الله به من الإيحاء إليه وإرساله إلى الناس بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً - فهذا حق، وهو الذي شهد به الواقع وأخبر به القرآن، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} الكهف: ١١٠، فأمره أن يخبر أمته بأنه بشر مثلهم إلا أن الله اصطفاه لتحمل أعباء الرسالة وأوحى إليه بشريعة التوحيد والهداية، وقال تعالى في بيان ما جرى من الحوار بين الرسل وأممهم: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٠) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)} إبراهيم: ١٠ - ١١، فأقر الرسل بأنهم بشر مثلنا ولكن الله منّ عليهم بالرسالة فإن الله سبحانه يمنّ على من يشاء من عباده بما شاء ويصطفي منهم من أراد؛ ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور، ومثل هذا في القرآن كثير.


(١) ينظر: فتح القدير (٣/ ٣١٨)، وتفسير السعدي (١/ ٤٨٩)، وتفسير ابن كثير (٢/ ٥١٩)، وتفسير البغوي (٣/ ١٨٧)، وأضواء البيان (٣/ ٣٥٥، ٣٥٦).

<<  <   >  >>